للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان على (١) الله كريماً (٢). رواه الطبراني.

٢٨ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أول شئٍ يُرفعُ من هذه الأُمة: الخشوع (٣) حتى لا ترى فيها خاشعاً. رواه الطبراني بإسناد حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه في آخر حديث موقوفاً على شداد بن أوس، ورفعه الطبراني أيضاً، والموقوف أشبه.

٢٩ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال: مثل الصلاة المكتوبة (٤) كمثل الميزان من أوفى استوفى. رواه البيهقى هكذا، ورواه غيره عن الحسن مرسلاً وهو الصواب.

٣٠ - وعن مطرفٍ عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى وفي صدره أَزيزٌ كأزيز الرحى من البكاء. رواه أبو داود والنسائي، ولفظه: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل، يعنى يبكى. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما نحو رواية النسائي إلا أن ابن خزيمة قال: ولصدره أزيزُ الرحى. بزايين: هو صوتها، والمرجل: بكسر الميم، وفتح الجيم: هو القدر، يعنى أن لجوفه حنينا كصوت غليان القدر.


(١) في نسخة: عند، والمعنى: أن الله جل جلاله يكره اثنين:
أ - مؤدى الصلاة ناقصة الأركان.
ب - المتغطرس المتكبر الذى يتغالى بطول ثيابه، ويتفاخر وهو حقير ذليل، ويعجب بنفسه، ويغتر بها.
(٢) أي وإن كان صالحاً كريما محبوباً عند الله زالت هذه الدرجات بنقص صلاته وكبره.
(٣) المعنى: يتكرم الله على الأمة الإسلامية بالخشوع والتواضع والذلة لله والميل إلى التعليم وحب الخير وهدوء النفس، وإذا أراد عقابها ونزع البركة من أعمالها أزال الخشوع من أبنائها وبعث فيهم القسوة والعظمة الفارغة والغطرسة الكاذبة، والجدل والنزاع والنفور.
(٤) ثواب أداء المفروضة على قدر تمامها وحسن كمالها؛ وشبه صلى الله عليه وسلم عمل المصلى بالميزان الذى يبين الكامل والناقص، فمن أوفى أركانها نال أجرة مساوية لإخلاصه وحسن أدائه، ووفاه الله تعالى بقدر خشوعه وتذلله وتؤدبه، ومصداق ذلك قوله تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) ٤٦ من سورة الأنبياء. الله تعالى يضع موازين العدل توزن بها صحائف الأعمال ويظهر فيها مقادير إخلاص العباد لذى الجلال والإكرام.
وهذا كناية عن شمول العباد وإحاطتهم ومعرفة خيرهم وشرهم وظلمهم وعدلهم، ويتجسم ذلك للعبد ليرى جزاء ما اقترفت يداه، وما ناله في حياته أو عمله في دنياه إن حقا وإن باطلا. قال البيضاوى: قيل وضع الموازين تمثيل لإرصاد الحساب السوى، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل، وإفراد القسط لأنه وصف به للمبالغة؛ وإن كان العمل أو الظلم مقدار حبة أحضرناها، وقرئ آيتنا: بمعنى جازينا بها من الإيتاء فإنه قريب من أعطينا - أو من المؤاتاة فإنهم أتوه بالأعمال، وأتاهم بالجزاء، إلا مزيد على علمنا وعدلنا أهـ ص ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>