وقد وصف تعالى الخاشعين بصفتين: أ - يعتقدون بلقاء الله ويتوقعون ويرجون نيل ما عنده. ب - يجزمون أنهم يحشرون إلى ربهم فيجازيهم ويثيبهم. ومن محاسن البديع: يظنون أي يعلمون علم اليقين وتضمن معنى التوقع. قال أوس بن حجر: فأرسلته مستيقن الظن أنه ... مخالط ما بين الشراسيف جائف هل تفقه الاستثناء؟ (إلا على الخاشعين): أي الذين لم يستثقلوا الصلاة بل حافظوا على أدائها لماذا؟ لأنهم ذللوا نفوسهم لله، وأطلقوا عنانها حبا في الله وجعلوها مرتاضة. بأمثالها متوقعة في مقابلتها ما يستحقر لأجله مشاقها ويستلذ بسببه متاعبها، ومن ثمة قال عليه الصلاة والسلام: (وجعلت قرة عينى في الصلاة)، وهى عنوان التقوى، وبها تحدث الشعراء: لم يجدك الحسب العالى بغير تقى ... مولاك شيئاً فحاذر واتق الله والكرامة في نيل الفخار به ... فأكرم الناس عند الله أتقاها وقال صالح بن عبد القدوس: عليك بتقوى الله فالزمها تفز ... إن التقى هو البهى الأهيب واعمل بطاعته تنل منه الرضا ... إن المطيع لربه لمقرب فعليك أخى بالمداومة على أداء الصلوات لتقوى وتحظى بما تهوى ويلحظك ربك بجلاله؛ ويرعاك بكماله ودليل ذلك عطف الله جل وعلا من أقاموا الصلاة على من يتقون. قال تعالى: أ - (والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ١٢٩ والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين) ١٣٠ سورة الأعراف. قال البيضاوى: (أجر المصلين) على تقدير منهم أو وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على أن الإصلاح كالمانع من التضييع، وقرأ أبو بكر يمسكون بالتخفيف وأفرد الإقامة لإنافتها على التمسكات أهـ. ب - (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا (١) بعد إذ هدانا الله (٢) كالذى استهوته الشياطين في الأرض حيران (٣) له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ٧٢ وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون) ٧٣ سورة الأنعام. =