للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= انظروا إلى النملة في صغر جثتها، ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك (١) الفكر كيف دبت على أرضها، وصبت (٢) على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها، تجمع فى حرها لبردها، وفي ورودها لصدورها. مكفولة برزقها. مرزوقة بوفقها (٣) لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان، ولو في الصفا. (٣) اليابس، والحجر الجامس. (٥) ولو فكرت في مجارى أكلها، وفى علوها وسفلها، وما في الجوف من شرسيف. (٦) بطنها وما في الرأس من عينها وأذنها لقضيت من خلقها عجباً، ولقيت من وصفها تعبا، فتعالى الذى أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها. لم يشركه في فطرتها فاطر، ولم يعنه في خلقتها قادر.
قال الله تعالى:
أ - (وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون) ١٣ من سورة النحل سبحانه وتعالى سخر لنا من حيوان ونبات أصنافهما تتخالف باللون. قال البيضاوى: إن اختلافها في الطباع والهيئات والمناظر، ليس إلا بصنع صانع حكيم. أهـ، قال تعالى:
ب - (وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وألقى في الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهاراً وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات وبالنجم هم يهتدون أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدوانعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين) ٢٣ من سورة النحل.
وتارك الصلاة مستكبر على خالقه جل وعلا.
وإن لكل نبى صلاة لله مخصوصة، وقد أنطق الله تعالى عيسى عليه السلام بالكلام وهو في المهد: (قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبياً ٣٠ وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جباراً شقياً) ٣٢ من سورة مريم. هذا أول المقامات للرد على من يزعم ربوبيته، أمده بتعاليم الإنجيل فصار نفاعا معلماً للخير. قيل: أكمل الله عقله واستنبأه طفلا، وأمره بالصلاة، وزكاة المال وتطهير النفس عن الرذائل. إن شاهدنا (وأوصانى بالصلاة) لتعلم يا أخى جزيل فائدتها وقرب مؤديها عند العظيم المنعم سبحانه. وقد قال تعالى يخاطب آدم وحواء أو يخاطب آدم وإبليس لأنهما أصلا الذرية (قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا يضل ولا يشقى ١٢٤ ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لما حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) ١٢٨ من سورة طه. من عمل بتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضل في الدنيا ولا يتعب في الآخرة ومن حاد عن الهدى الذاكر لى والداعى إلى عبادتى والمرشد إلى رضاى نال العذاب في القبر وذاق الضريع والزقوم لأن مجامع همه ومطامح نظره تكون إلى أعراض الدنيا متهالكا على ازديادها خائفاً على انتقاصها بخلاف المؤمن الطالب للآخرة مع أنه تعالى قد يضيق بشؤم الكفر ويوسع ببركة الإيمان كما قال: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة - ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل - ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا) الآيات. هذه دروس الأنبياء تدعو إلى طاعة الله ليسلك المطيع سبل السعادة، وقد =

<<  <  ج: ص:  >  >>