للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= حكى تعالى عن سيدنا زكريا الذى أعطاه سيدنا يحيى (فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا) أي أوماً الله إليهم أن صلوا أو نزهوا ربكم طرفى النهار. قال البيضاوى: ولعله كان مأموراً أن يسبح ويأمر قومه بأن يوافقوه وفى ذلك يقول المولى عز شأنه: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا) ٢٤ من سورة مريم. أي خذ التوراة وأعطاه الله الحكمة وأحكم عقله في صباه واستنبأه (وحنانا من لدنا) ورحمة منا عليه، وتعطفاً في قلبه على أبويه (وزكاة) وطهارة من الذنوب أو صدقة: أي تصدق الله به على أبويه، أو مكنه ووفقه للتصدق على الناس (وكان تقيا) أي مطيعاً متجنباً عن المعاصى، وبارا بوالديه، ولم يكن عاقا أو عاصياً ربه (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) سلمه ربه أن يناله الشيطان بما ينال به بنى آدم، وأمن عذاب القبر (ويوم يبعث حيا) أي أمن عذاب النار، وهول القيامة.
العقم يصلون ويضرعون إلى الله فيلدون
سيدنا زكريا عليه السلام يتراوح عمره من ٧٠ - ٩٩ سنة قال الله عنه (ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا) ٢ من سورة مريم. قال البيضاوى: لأن الجهر والإخفاء عند الله سيان والإخفاء أشد إخباتا وأكثر إخلاصاً، أو لئلا يلام على طلب الولد في إبان الكبر، أو لئلا يطلع عليه مواليه الذين خافهم، أو لأن ضعف الهرم أخفى صوته (قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقراً فهب لى من لدنك ولياً يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً) ٦ دعاء مستحاب سبقه إخلاص لله وتضرع إليه وصلاة وتسبيح وتحميد وتكبير. فهل للمسلمين الذين أصابتهم أزمة أو عقم أن يصلوا لله، ويعبدوا بحق كسيدنا زكريا عليه السلام.
وأخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز عن السيدة مريم رضي الله عنها (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسناً وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) روى أن حنة لما ولدتها لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الأحبار، وقالت: دونكم هذه النذيرة، فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت إمامهم، وصاحب قربانهم، وفاز بكفالتها سيدنا زكريا، وبنيت لها غرفة للعبادة (المحراب) أو المسجد تجلس في أشرف مواضعه (المحراب) وسمى بذلك لأنه محل محاربة الشيطان كأنها وضعت في أشرف موضع من بيت المقدس. وروى أن زكريا كان لا يدخل عليها غيره، وإذا خرج أغلق عليها سبعة أبواب وكان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وبالعكس. وفيه دليل على جواز كرامات الأولياء. قيل: تكلمت وهى صغيرة كعيسى عليه السلام، ولم ترضع ثديا قط وكان رزقها ينزل عليها من الجنة، سبحانه رزقه بغير تقدير لكثرته، أو بغير استحقاق تفضلا به.
وبهذه المناسبة نتشرف بذكر نبذة من كرامة السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أعدت لمولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رغيفين وبضعة لحم، فرجع بها إليها، وقال: هلمى يا بنية، فكشفت عن الطبق، فإذا هو مملوء خبزاً ولحما، فقال لها: أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فقال: الحمد لله الذى جعلك شبيهة سيدة نساء بنى اسرائيل، ثم جمع علياً والحسن والحسين، وجمع أهل بيته عليه حتى شبعوا، وبقى الطعام كما هو، فأوسعت على جيرانها. وفي ذلك المكان، وفى هذا الوقت وقت رؤية كرامة مريم، ومنزلتها عند الله (هنا لك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) ٣٩ من سورة آل عمران.
يا أخى: إن هذا النبى عليه السلام يلجأ إلى ربه بالدعاء والعبادة، ويثق به، ويعتقد أن الله تعالى حى قادر

<<  <  ج: ص:  >  >>