للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قاهر، فيطلب له ولياً يرثه وابناً يدير دفة عقاره ويسوس آله ويقر عينه، فناده جبريل عليه السلام، وهو يصلى: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلى في المحراب أن الله يبشرك بيحي مصدقا بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبيا من الصالحين) يصدق أن عيسى عليه السلام وجد بأمره تعالى دون أب ويسود قومه ويفوقهم فماهم بمعصية قط (وحصوراً) أي مبالغاً في حبس النفس عن الشهوات والملاهى. روى أنه مر في صباه بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال: ما للعب خلقت، وقد استبعد زكريا من حيث العادة، أو استعظم وتعجب، إذ أدركه كبر سنة ٩٩ سنة ولا تلد امرأته من العقر. فأجيب لا غرابة من حيث الولد من شيخ فان وعجوز عاقر (قال كذلك الله يفعل ما يشاء) وطلب سيدنا زكريا علامة يعرف بها الحبل لاستقباله بالبشاشة والشكر، وتزيح مشقة الانتظار (قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث أيام إلا رمزا. واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والإبكار) ٤٢ من سورة آل عمران. حبس لسانه عن مكالمتهم خاصة ليخلص لذكر الله تعالى وشكره قضاء لحق النعمة، ولا مانع من إشارة يد أو رأس وسبح ربك من الزوال إلى الغرب إلى صدر الليل. والإبكار: من طلوع الفجر إلى الضحى، إن هذا هو الدواء الناجح مطهر القلوب الملتجئة إلى ربها في السراء والضراء، فهل لبنى قومى أن يصلوا ويخلصوا إلى ربهم (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه) ثم إن السيدة مريم رضي الله عنها شافهتها الملائكة إكراما لها، وطهرها الله من الأقذار، وتقبلها من أمها، ولم يقبل قبلها أنثى، ورزقها من الجنة. قال تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين) أي أديمى الطاعة وصلى واخشعى.
سيدنا إسماعيل عليه السلام، وأخوه سيدنا إسحاق عليه السلام
قد أجاب الله دعاء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، وجاء بعده ابنه إسماعيل عليه السلام، فعكف على عبادة ربه وجاهد في طاعته، وحافظ على الصلاة هو وأهله. قال تعالى:
أ - (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً. وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) ٥٥ من سورة مريم. إن شاهدنا (يأمر أهله بالصلاة) قال البيضاوى: اشتغالا بالأهم، وهو أن يقبل الرجل على نفسه، ومن هو أقرب الناس إليه بالتكميل أهـ.
ب - وقال تعالى: في ابن سيدنا إبراهيم سيدنا إسحاق وذريته: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين ٧٣ وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) ٧٤ من سورة الأنبياء.
نافلة: أىعطية، أو ولد ولد، أو زيادة على ما سأل، وهو إسحاق، والأربعة: أي إبراهيم، ولوط وإسحاق ويعقوب، وفقناهم للصلاح، وحملناهم عليه، فصاروا كاملين. يقتدى بهم الناس إلى الحق يحثون الناس على عمل الخير موحدين مخلصين في العبادة.
وإن سيدنا داود، وابنه سليمان عليهما السلام يعبدان الله، ويخلصان في طاعته سبحانه، وقد حكى الله عنهما:
أ - (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب) والمعنى أنه ذو قوة في الدين، يصوم يوما، ويفطر يوما كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكان يقوم نصف الليل (أواب) أي كثير الرجوع إلى مرضاة الله تعالى. وقد جزأ زمانه، للعبادة يوما، ويوما للقضاء، ويوما للوعظ، ويوما للاشتغال بخاصته، فتسور عليه ملائكة على صورة الإنسان في يوم الخلو: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق) وقت الإشراق حين تشرق الشمس، ويصفو شعاعها، وهو وقت الضحى؛ (والطير محشورة كل له أواب وشددنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>