للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترهيب من التثاقل عن الصلاة وتركها

على قومٍ تُرضخ (١)

رُءوسُهم بالصخرة كلما رُضخت عادت كما كانت، ولا يُفترُ عنهم من ذلك شئ. قال يا جبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تثاقلت رءُوسهم عن الصلاة المكتوبة، فذكر الحديث في قصة الإسراء وفرض الصلاة.

(قوله): يثلغ رأسه: أي يشدخ.

(قوله): فيتدهده. أي فيتدحرج.


(١) تقتل وترمى، ومنه حديث العقبة قال لهم: كيف تقاتلون؟ قالوا: إذا دنا القوم كانت المراضخة هى المراماة بالسهام، الشدخ، والرضخ أيضاً: الدق والكسر، ومنه حديث الجارية: فرضخ رأس اليهودى: أي قاتلها بين حجرين أهـ نهاية.
فقه الباب
يبين صلى الله عليه وسلم: أن الصلاة ميزان الإيمان، وسبرغور الإسلام، وأنها الحد الفاصل بين الإسلام والكفر، والفيصل بين الشرك والإسلام، وهى عقد الاتفاق بين المسلمين، والمعاهدة بين المؤمنين والشرط المتفق عليه بين أهل الدين، وهى إحدى الوصايا النافذة (أوصانى خليلى) بها خشية المروق من الإسلام، والخروج من زمرة الموحدين. وأجمع جمهور المسلمين: أن الصلاة هى الفذة الوحيدة (تركها كفر عند أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) وأن تاركها محروم من الخير مذموم لا يقام لعمله وزن ولا لوجوده اعتبار ولا لنفسه قيمة (لاسهم له) ونفى عنه صلى الله عليه وسلم الدين، وأنه خارج عن ذمة الأبرار المتقين. وإن لنا في ابن عباس قدوة حسنة فترمد عيناه فيشير عليه طبيبه بعدم وضع الماء عليهما، ولا يصلى فيخالف رأيه وينقض استشارته ويحافظ على الصلاة خوفاً من غضب الحكيم الجبار خالق العيون وباعث الأبصار؛ وبارئ الأنظار. هذا إلى أن تارك الصلاة يباح قتله وترد شهادته، وتنزع البركة من أولاده وأمواله (لا يقبل منه صرف ولا عدل) ثم أمر صلى الله عليه وسلم: بالسرعة في أداء الفرض (بكروا بالصلاة في يوم الغيم) خشية ضياع الوقت والإهمال والركون إلى أن الوقت باق فتضيع فرصة الأداء، ويحصل غش وخديعة.
وأفاد صلى الله عليه وسلم: أن الصائم المزكى الحاج ناقص الإسلام إذا لم يصل (أربع فرضهن الله).
وقد صدقت فراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبوته في المسلمين الآن. ترى جوراً وظلماً واستبدادا وطائفة جمة من المهذبين في نظرهم تاركى الصلاة (لتنقضن عرى الإسلام) وتارك الصلاة صدقته مردودة، وأعماله سيئة مهما حسنت (من ترك الصلاة متعمدا أحبط الله عمله) وأن الصلاة نور وضياء وبهاء وأنيس في قبره ومصباح وهاج في ظلمته، وسبب النعيم وموصله إلى جنة الله؛ وتاركها إن كان مع الملوك والأمراء فرفيق فرعون أو كان من الحكام والوزراء فمع هامان، وإن كان من الأثرياء الأغنياء أصحاب الأموال الجمة فزميل قارون، وإن كان من التجار والصناع والزراع فزميل: أُبى بن خلف الكافر العاصى المعاند المائل عن الحق، وكل أولئك في جهنم.
وقد أجاب صلى الله عليه وسلم أن أصحاب الوادى في جهنم الساهون (الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها) وتارك الصلاة كأنه فقد أهله، وأذهب ماله سدى وأن عقابه يضرب رأسه بحجر لأنه ينام عن المكتوبة) وأدلة ذلك من الكتاب العزيز قال تعالى:

١ - (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا، إلا من تاب). =

<<  <  ج: ص:  >  >>