للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترغيب فيما يقرأ ويقال عند النوم

٨ - وعن شداد بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مامن مسلمٍ يأخذ مضجعه (١) فيقرأ سورةً من كتاب الله إلا وكل الله له به ملكاً فلا يقربه شئ يُؤذيه حتى يهب من نومه متى هبَّ. رواه الترمذي، ورواه أحمد. إلا أنه قال:

بعث الله له ملكا يحفظه من كل شئٌ يؤذيه حتى يهب (٢) متى هبَّ. ورواة أحمد رواة الصحيح. (هب): انتبه من نومه.

٩ - وعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى (٣) الرجل إلى فراشه ابتدره (٤) ملك وشيطان، فيقول الملك: اختم (٥) بخيرٍ، ويقول الشيطان: اختم بشرٍّ، فإذا ذكر الله ثم نام بات الملك يكلؤُهُ. وإذا استيقظ قال الملك: افتح بخيرٍ، وقال الشيطان: افتح بشرٍّ، فإن قال: الحمد لله الذى رد على نفسي ولم يُمتها (٦)

في منامها، الحمد لله الذى يُمسك السموات والأرض


(١) يريد النوم، فيتفضل الله جل جلاله، ويجعل له حرساً حافظاً مانعاص له من كل سوء، ويقيه كل أذى، سبحانه.
(٢) في نسخة: د: يهب من نومه ص ١٣٦ بمعنى يستمر حفظ الله له ببركة تلاوة هذه السورة حتى يستيقظ.
(٣) انضم والتجأ.
(٤) أسرع إليه وبدر، ومنه البادرة من الكلام الذى يسبق من الإنسان فى الغضب. قال الشاعر النابغة:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمى صفوه أن يكدرا
(٥) أيها المسلم نم مستريحاً، واجعل خاتمة أعمالك ذكر الله وتسبيحه، فهذا خير لك وأبر وأبقى ثواباً وأمامه عدوه الألد يدعوه إلى الغفلة، ويحدث له أحاديث السوء، ويزين له الباطل واقتفاء السرور وارتكاب الفجور، وينادى بالويل والثبور.
(٦) لم يقبض روحها، ولم يتوفها. قال تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت في منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ٤٣ من سورة الزمر: أي يقبضها عن الأبدان بأن يقطع تعلقها عنها وتصرفها فيها إما ظاهراً أو باطناً، وذلك عند الموت أو ظاهرا لا باطنا، وهو في النوم.
روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن في ابن آدم نفسا وروحاً بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التى بها العقل والتمييز والروح التى بها النفس والحياة فيتوفيان عند الموت، وتتوفى النفس وحدها عند النوم (إن في ذلك لآيات) أي من التوفى والإمساك والإرسال لعلامات دالة على كمال قدرته وحكمته، وشمول رحمته (لقوم يتفكرون) في كيفية تعلقها بالأبدان وتوفيها عنها بالكلية حين الموت، وإمساكها باقية لا تفنى بفنائها وما يعتريها من السعادة والشقاوة والحكمة في توفيها عن ظواهر، وإرسالها حيناً بعد حين إلى توفى آجالها. أهـ بيضاوى ص ٦٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>