للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذته، يعنى في الثالثة، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مراتٍ، تزعم أنك لاتعود. قال: دعنى أُعلمك كلماتٍ ينفعك الله بها. قلت ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك (١) البارحة؟ قلت يا رسول الله: زعم أنه يُعلمنى كلماتٍ ينفعنى الله بها فخليت سبيله. قال ما هى؟ قلت: قال لى إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم الآية (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) وقال (٢)

لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص (٣) شئٍ على الخير، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب (٤)

تعلم من تخاطب منذ


(١) الذى قبضت عليه وحبسته.
(٢) في المطبوعة: لى، وفي ع: بحذفها ١٩٩ ..
(٣) الصحابة رضي الله عنهم يعتنون جداً بكسب العظة وجنى ثمرات الخير من الرسول صلى الله عليه وسلم ولذا استفادوا منه.
(٤) كثير الإفك والبهتان والإثم.
آية الكرسى
قال تعالى: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذانه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم). أي الله المستحق للعبادة سبحانه لا غير (الحى) الذي يصح أن يعلم ويقدر، وكل ما يصح له فهو واجب لا يزول لامتناعه عن القوة والإمكان (القيوم) الدائم القيام بتدبير خلقه وحفظه ولا تعتريه سنة: أي فتور يتقدم النوم. قال ابن الرقاع:
والنوم حال تعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة على الإحساس رأساً. ولا أحد يساويه أو يدانيه ولا أحد يتقدم للشفاعة إلا بإرادته سبحانه مما يدل على تفرده بالعلم الذاتى التام الدال على وحدانيته سبحانه وتعالى، وفيه بيان لكبرياء شأه وعظمته (ولا يؤوده حفظهما) أي ولا يثقله حفظهما، وهو المتعالى عن الأنداد والأشباه (العظيم) الكبير المستحقر بالإضافة إليه كل ما سواه. قال البيضاوى: وهذه الآية مشتملة على أمهات المسائل الإلهية فإنها دالة على أنه تعالى موجود واحد في الألوهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره إذا القيوم هو القائم بنفسه القيم لغيره منزه عن التحيز والحلول، مبرأ عن التغير والفتور، لا يناسب الأشباح، ولا يعتريه ما يعترى الأرواح مالك الملك والملكوت، ومبدع الأصول والفروع، ذو البطش الشديد الذى لا يشفع عنده إلا من أذن له عالم الأشياء جليها وخفيها كليها وجزيئها واسع الملك والقدرة على ما يصح أن يملك ويقدر عليه لا يؤوده شاق ولا يشغله شأن، متعالى عما يدركه وهم، عظيم لا يحيط به فهم، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (إن أعظم آية =

<<  <  ج: ص:  >  >>