للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما أسهرت (١) ليلك، وأنصبت (٢) نهارك. قال: فيصعد القُرآن إلى السماء أسرع من الطرف (٣)، فيسأل الله ذلك له فيعطيه ذلك، فيجئُ القرآن فينزلُ به ألف ألف ملكٍ من مُقرَّبى (٤) السماء السادسة، فيجيءُ القرآن فيحييه (٥) فيقول: هل استوحشت، مازدت منذ فارقتك أن كلمت الله تبارك وتعالى حتى أخذت لك فراشاً ودثاراً ومصباحاً، وقد جئتك به فقم حتى تفرشك الملائكة عليهم السلام. قال: فتنهضه (٦) الملائكة إنهاضاً لطيفاً، ثم يفُسحُ له في قبره مسيرة أربعمائه (٧) عام، ثم يُوضعُ له فراش بطانته من حريرٍ أخضر، حشوه المسك (٨) الأذفر، ويوضع له مرافق عند رجليه ورأسه من السندس (٩) والإستبرق (١٠)، ويُسرجُ (١١) له سِراجان من نور الجنة عند رأسه، ورجليه يزهران (١٢)

إلى يوم القيامة، ثم تضجعه الملائكة على شقه الأيمن مستقبل القبلة، ثم يُؤتَى بياسمين (١٣) الجنة وتصعد عنه، ويبقى هو والقرآن فيأخذ القرآن الياسمين فيضعه على أنفه غضًّا (١٤) فيستنشقه حتى يُبعث، ويرجع القرآن إلى أهله فيخبرهم كل يومٍ وليلةٍ، ويتعاهده كما يتعاهد الوالد الشفيق ولده بالخير، فإن تَعَلَّمَ أحدٌ من ولدهِ القرآن بشره بذلك، وإن كان عقبهُ عقب (١٥) سوءٍ دعا لهم بالصلاح والإقبال، أو كما ذُكر. رواه البزار، وقال خالد بن معدان لم يسمع من معاذ ومعناه أنه يجئ ثواب القرآن كما قال


= قال تعالى: (ياأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر) وإن القلب يدثر كما يدثر السيف فجلاؤه ذكر الله: أي يصدأ كما يصدأ السيف.
(١) بعدت جفونك عن النوم.
(٢) أقمت يومك في العبادة والتلاوة.
(٣) لمح البصر.
(٤) الأبرار المقربين المطيعين.
(٥) يقدم له أجل تحية مباركة للاستئناس.
(٦) تطلب منه تخلى هذا المكان برفق لتكسوه من أغلى الرياش، وأفخر الأثاث (بما لاعين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).
(٧) بمقدار سير ناقة نجيبة مسرعة. قبره يساوى هذه المسافة في الاتساع.
(٨) كثير الطيب منتشر الرائحة.
(٩) الحرير الرقيق.
(١٠) الحرير الغليظ. قال تعالى (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق).
(١١) يضاء له مصباحان.
(١٢) يلمعان. وفي صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان أزهر اللون، والزهر: الأبيض المستنير والزهر والزهرة: البياض النير، وهو أحسن الألوان ..
(١٣) نوع من أحسن الرياحين عرفها ذكى، وشذاها طيب.
(١٤) طريا لم يتغير، ومنه حديث على هل ينتظر أهل غضاضة الشاب: أي نضارته وطرواته.
(١٥) إن ترك ذرية فاسقة تضرع القرآن لربه عز وجل أن يوفقهم للعمل كأبيهم. وهذه بشارة عظيمة لحامل القرآن أن يبارك الله في ذريته، ويحيطهم برحمته، ويشملهم برضاه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>