للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحبُّهم الله (١)، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم: الذى إذا انكشفت فئةٌ قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل، فإما أن يُقتل، وإما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه (٢) فيقول: انظروا إلى عبدى هذا كيف صبر لى بنفسه؟ والذى له امرأةٌ حسنة، وفراشٌ لينٌ حسنٌ، فيقوم من الليل فيقول: يذرُ (٣) شهوته ويذكرنى، ولو شاء رقد (٤)، والذى إذا كان في سفرٍ، وكان معه ركبٌ (٥) فسهروا (٦)، ثم هجعوا (٧) فقام من السحر (٨) في ضراء وسراء. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.

٣٣ - وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: عجب (٩) ربُّنا تعالى من رجلين: رجلٍ ثار (١٠) عن وطائه (١١) ولحافه من بين أهله وحبه (١٢) إلى صلاته، فيقول الله جل وعلا: انظروا إلى عبدى ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبةً (١٣) فيما عندى، وشفقةً (١٤) مما عندى. ورجلٍ غزا في سبيل الله، وانهزم أصحابه وعلم ما عليه (١٥) في الانهزام، وماله في الرجوع فرجع حتى يُهريق (١٦) دمه فيقول: انظروا إلى عبدى رجع رجاء فيما عندى وشفقةً مما


(١) أي يعجب من حسن فعالهم ويرحمهم.
(٢) يبعد عنه شرهم ويزيل ضررهم.
(٣) يترك لذته، ويبتعد عن تمتعه بزوجته الحسناء حبا في ذكر الله وتسبيحه تهجداً.
(٤) نام، وأحل الله له ذلك وتمتع.
(٥) جماعة: رفقاؤه.
(٦) أدلجوا طول الليلة ولم يذوقوا النوم.
(٧) ناموا ليلا، وفي حديث الشورى: طرقنى بعد هجع من الليل. الهجع والهجعة والهجيع: طائفة من الليل.
(٨) آخر الليل يتحمل آلام السهر في طاعةالله وذكره ويشعر بالسرور فيدرك ثواب الله.
(٩) أي عظم ذلك عنده وكبر لديه، أعلم الله أنه إنما يتعجب الآدمى من الشئ إذا عظم موقعه عنده وخفى عليه سببه، فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده وقيل رضي وأثاب. أهـ نهاية.
(١٠) بعد، من ثار الشئ يثور: انتشر وارتفع، ومنه الحديث (فرأيت الماء يثور من بين أصابعه) أي ينبع بقوة وشدة.
(١١) الشئ المذلول: الموطوء: أي ترك فراشه وغطاءه الدفئ، والوطاء: ما تحت الأقدام.
(١٢) أقربائه وحبيبه.
(١٣) رجاء ثوابى وحبا في طلب رضاى.
(١٤) خوفا من عذابى، ومنه قوله تعالى (والذين هم من عذاب ربهم مشفقون) أي خائفون.
(١٥) علم أن الاندحار سبب موته واسره وقتله، ولكن جاهد حتى يستشهد طلباً في نعيم الله.
(١٦) يراق ويسال دمه، والمعنى أن رجلين اكتسبا زيادة الأجر من الله تعالى:
أ - من هجر لذة نومه، وترك سريره ليتهجد.
ب - المجاهد في سبيل الله المستبسل، ولم يفر عند الهزيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>