للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندى حتى يُهَرِيقَ دمه. رواه أحمد، وأبو يعلى والطبراني، وابن حبان في صحيحه، ورواه الطبراني موقوفاً بإسناد حسن، ولفظه:

إن الله ليضحك (١) إلى رجلين: رجلٍ قام في ليلةٍ باردةٍ من فراشه ولحافه ودثاره فتوضأ ثم قام إلى الصلاة، فيقول الله عز وجل لملائكته (٢): ما حمل عبدى هذا على ما صنع؟ فيقولون: ربنا رجاء ما عندك، وشفقةً مما عندك، فيقول: فإنى قد أعطتيه ما رجا (٣) وآمنته مما يخاف، وذكر بقيته.

٣٤ - وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الرجل من أُمتى يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور (٤)، وعليه عُقدٌ (٥) فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة،، فيقول الله عز وجل للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدى هذا يُعالج نفسه يسألنى، عبدى هذا فهو له. رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له.

٣٥ - وعن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: قال عبد الله (٦): إنه مكتوب في التوراة: لقد أعدَّ الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عينٌ، ولم تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ، ولا يعلمه ملك مقرَّبٌ، ولا نبىٌّ مرسلٌ. قال ونحن


(١) لينظر نظرة رحمة وسرور من فعلهما الحسن.
(٢) الله تعالى يعلم سبب فعل عبده هذا، ولكن يسأل الملائكة سؤال تعظيمهم له، وإشعاراً لهم، وجواب تعبد أنه العليم الخبير (وهو بكل شئ عليم. وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم مالا تعلمون) ٣١ من سورة البقرة
(٣) أجبت جميع رغباته، وباركت في أعماله وأسلمته من المخاطر.
(٤) الوضوء: أي ما يتطهر به.
(٥) حبال غلب عليه الشيطان، وكتفه بخيوط الكسل والغفلة، وجرى مجرى عروق الدم منه رجاء نسيان ذكر الله ورقوده وسباته، فإذا أراد الله له باليقظة فذكر الله حطم سلسلة من قيوده، ومزق عقدة من أغلاله، وهكذا حتى يتم الوضوء، فيتجلى عليه الرب جل وعلا، ويباهى بفعله هذا ملائكته المقربين ويأمرهم أن ينظروا إلى فعل طاعته وتذلله لربه رجاء رحمته تعالى ثم يبشرهم بإجابة كل ما سأل تفضلا وتكرما. الله أكبر، هذا وقت المعاملة الحسنة مع الله والتجارة مع الغنى الكريم والتضرع إليه؛ وقد تكفل سبحانه بعدم رد طلب لمن سأل.
(٦) سيدنا عبد الله بن سلام كان حبرا وعالما أنبأنا عما في التوارة لسيدنا موسى، وقد وافقه كلامه الله عز وجل في قرآنه عن جزاء المتهجد العابد الذاكر المستغفر سحراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>