فأنت ترى سيدنا ومولانا صلى الله عليه وسلم يعلمك التفويض في الأمر إلى ربك، وطلب توجه دفة سفينتك مع إخلاصك لربك وتنفيذ العزيمة، وصدق النية، فعلمك صلاة الاستخارة، ودل على مشروعيتها، والدعاء عقبها بطلب مساعدتك (ويسمى حاجته) أي في أثناء الدعاء يكنى عنها، والله عليم بها سبحانه. قال النووي: ينبغى أن يفعل الاستخارة ما ينشرح له فلا ينبغى أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة بل ينبغى للمستخير ترك اختياره رأساً وإلا فلا يكون مستخيرا لله، بل يكون مستخيرا لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبرى من العلم والقدرة، وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختياره لنفسه أهـ. (٢) أبعده عنى، وأزله من فكرى. (٣) كذا ع ص ٢٣٤، وفى ن ط: رضنى. إن تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم تدعو إلى فلاح العاملين بها ونجاحهم في الدنيا والآخرة، وما آداب الشرع إلا حصن منيع، وسياج متين يبعد القبائح، ويزيل الفواحش، ويطرد المنكر، وإنما هى أنوار ربانية تضئ قلوب المتقين، فيلهمون بالعمل الصالح، ويسلكون سبل السعادة، والعيش الرغد بدليل قوله تعالى لحبيبه خير الخلق ورحمتهم صلى الله عليه وسلم: (قل ياأيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ٥٠ فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم ٥١ والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم) ٥٢ من سورة الحج. إن الالتجاء إلى الله في استخارته في مهام أمورك عمل صالح أرشدك إليها قائد الشرع عليه الصلاة والسلام (نذير) أي أوضح لكم أيها الكفرة والفسقة ماأنذركم به، وأعلمكم أن مخالفة الله في أوامره سبب العذاب والخراب، والمطيعون الله ورسوله لهم مغفرة لما بدر منهم والله يعفو عنهم، وعاقبتهم بعد الموت الجنة، وفي الدنيا سعة ورزق رغد، وعيش سعيد وخيرات جمة، ومكاسب وفيرة، ورضا الرحمن (كريم) أي من كل نوع يجمع فضائله (معاجزين) مسابقين بالرد والإبطال وعدم العمل بكتاب الله مغالبين مشاقين الساعين فيه بالقبول والتحقيق مثبطين عن الإسلام، من عاجزه فأعجزه وعجزه: إذا سابقه لأن كلا من المتسابقين يطلب إعجاز الآخر عن اللحوق به وجزاء العصاة والكفار النار الموقدة. قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم إنى أسألك صحة في إيمانى، وإيمانا في حسن خلقى، ونجاحا يتبعه فلاح ورحمة منك وعافية، ومغفرة منك ورضوانا، عن أبي هريرة. قال المناوى: رجاله ثقات.