للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطيتها: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرةُ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.

قال النبى?: وقال الثالث: اللهم إنى استأجرت أجراءَ وأعطيتهم غير رجلٍ واحدٍ ترك الذى له وذهب، فَثَمَّرْتُ (١) أجره حتى كثُرت منه الأموالُ فجاءنى بعد حين، فقال لى: يا عبد الله أد إلى أجرى؟ فقلت: كلُّ ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزئ (٢) بى؟ فقلت إنى لا أستهزئُ بك، فأخذه كُلهُ فساقه فلم يترك منه شيئا: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون.

الترغيب في الاخلاص والصدق والنية الصالحة

(وفي رواية) أن رسول الله ? قال: بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينُجيكم إلا الصدق فليدع (٣) كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه، فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم كان لى أجير عمل لى على فرق (٤) من أُزْرٍ فذهب وتركهُ، وإنى عمدت (٥) على ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره إلى أن اشتريت منه بقرا، وإنه أتاني يطلب أجرهُ، فقلت له اعمد إلى تلك البقر، فإنها من ذلك الفرق فساقها، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة (فذكر الحديث قريباً من الأول) رواه البخاري ومسلم والنسائي، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه باختصار، ويأتى لفظه في برّ الوالدين إن شاء الله تعالى.

(قوله): وكنت لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً. الغبوق بفتح الغين المعجمة: هو الذي يشرب بالعشى؛ ومعناه كنت لا أقدِّم عليهما في شرب اللبن أهلاً ولا غيرهم، يتضاغون: بالضاد والغين المعجمتين، أي يصيحون من الجوع. السنة: العام المقحط الذي لم تنبت الأرض


(١) نميت.
(٢) في نسخة: لا تستهتر.
(٣) فليتضرع إلى الله كل واحد ويلجأ إليه في طلب كشف الضر ويتوسل إليه بأرجى عمل عمله في الرخاء.
(٤) نحو ثلاثة آصع في الحجاز (مكيال يسع ستة عشر رطلا).
(٥) عمد للشيء: قصد له، وعمد الشيء أقامه بعماد يعتمد عليه فانعمه وبابهما ضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>