للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه شيئاً سواء نزل غيث أم لم ينزل. تفضّ الخاتم: هو بتشديد الضاد المعجمة، وهو كناية عن الوطء. الفَرَق: بفتح الفاء والراء: مكيال معروف. فانساحت: هو بالسين والحاء المهملتين أي تنحت الصخرة وزالت عن فم الغار (١).

فضل الاخلاص عند مفارقة الدنيا

٢ - وعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من فارق (٢) الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض. رواه ابن ماجه والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.

٣ - وعن أبي فراس (رجل من أسلم) قال: نادى رجل فقال يا رسول الله ما الإيمان؟ قال الإخلاص، وفى لفظ آخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، سَلُونِى عمَّا شئتم، فنادى رجل يا رسول الله: ما الإسلام؟ قال إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، قال فما الإيمان؟ قال الإخلاص (٣)، قال فما اليقين؟ قال التصديق (٤). رواه البيهقي وهو مرسل


(١) المعنى: ان النبى صلى الله عليه وسلم يضرب مثلا لثلاثة عملوا صالحاً لله وأخلصوا إليه جل وعلا، في الطاعة ولما وقعوا في شدة توسلوا إلى الله بأرجى عمل عملوه رجاء أن الله يفرج كربهم؛ ويزيل ألمهم، ويبعد همهم قد رأوا الصخرة ثقيلة عليهم فلا يمكن رفعها، فتقرب الأول: بمحبة والديه وبرهما وإكرامهما وطاعتهما وإيثارهما على أهله وأبنائه ورعاية الأدب معهما، ولعل في هذا العمل الخالص ابتغاء وجهه الكريم سبب إجابة دعائه وتفريج غمه فكان. وتضرع الثاني: إلى ربه بامتناعه عن الفحشاء خوفاً منه جل وعلا وخشيته في السر والعلانية، بعد أن تمكن من حبيبته وإعطائها ما يملك من الدنانير، فأجاب الله دعاءه وأزال عسيره، ودعا الثالث: السرى ربه وطلب منه النجارة إذ حفظ أمانة الأجير لله ونماها حتى ملأ وادياً إبلا ويقرأ وغنما وراعيهما.
وهكذا يبارك الله في القليل الحلال فينمو ويكثر، ولما احتاج الأجير لأجرته سلمه ذلك المال الوفير لله ومحبة في ثواب الله ورجاء أن يفرج الله عنهم فكان ما رجوه وجاءهم الفرج تدريجا على ثلاث دفعات ليرى كل منهم أثر دعائه، وتوسله بصالح عمله.
يؤخذ ايضاً من هذا الحديث:

١ - أن الإنسان يلزمه أن يعمل صالحا بإخلاص وصدق نية في حالة السعة والفرج ليكون ذلك سبباً لنجاته في يوم الضيق والشدة، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ (تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة) فما ظنك إذا انضم إلى ذلك توسل ودعاء باضطرار؟ لا شك أن ذلك يكون أقرب للإجابة وأسرع لتفريج الكرب وكشف البلاء، كما أخبر بذلك حيث قال: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإ مع الله قليلا ما تذكرون) أية ٦٢ سورة النمل.

٢ - وأن المال الحلا يقيض الله له من يحفظه ولو غير مالكة حتى إذا احتاج صاحبه يوما وجده كما وقع لذلك الأجير. وهذا الحديث ساقه النبى صلى الله عليه وسلم مثلا لأمته، ليحذوا حذو هؤلاء، ويسيروا على نهجهم في العمل الصالح بإخلاص وصدق نية، ليكون لهم ما كان لهؤلاء.
(٢) ترك، والمعنى: الذي عمل صالحاً لله وحده وأدى الصلاة في أوقاتها وأخرج الزكاة للمستحقين وتصدق على الفقراء رحمه الله وأغدق عليه الخير والنعيم في الجنة.
(٣) شيء في القلب يدعو إلى حسن النية وصفاء الطوية وإتقان العمل لله.
(٤) الاعتقاد الجازم بوجود الخالق جل وعلا فلا يخشى سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>