وإن الله جل جلاله أخبر عن المتقين الذين عملوا في الحياة فأفلحوا وفازوا بالسعادة وجعل خلالهم إخراج زكاة أموالهم. قال تعالى: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) من ١ - ١٢ من سورة المؤمنين. أي فاز أولئك الذين اتصفوا بهذه الخلال الحميدة: أولا: الخائفون من الله سبحانه وتعالى المتذللون له الملزمون أبصارهم مساجدهم. روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى رافعاً بصره إلى السماء فلما نزلت رمى ببصره نحو مسجده وأنه رأى رجلا يعبث بلحيته، فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه. ثانياً: المعرضون عما لا يعينهم من قول أو فعل لما بهم من الجد ما شغلهم عنه. ثالثا: البالغون الغاية في القيام على الطاعات البدنية والمالية، والتجنب عن المحرمات، وسائر ما توجب المروءة اجتنابه والزكاة تقع على المعنى، وعلى العين. رابعا: عدم بذل الفرج إلا على الأزواج والسريات والجامعون لهذه الصفات أحقاء بالفرودس وهى أعلى مكان في الجنة نعيمها دائم. إخبار الله أن التأمين على الحياة تقواه، وإخراج الزكاة لتدوم النعمة وتزيد إن الله تعالى أوجد المال للتعامل بين الناس، ولقضاء الحاجات اللازمة للحياة، ولوجود حسن التبادل والمنافع، وقال تعالى في محكم كتابه: أ - (الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوى العزيز). ب - (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر). جـ - (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فما علينا إلا أن نؤمن به سبحانه وتعالى ونعبده بحق، ونثق بالاعتماد عليه. ونعمل بالشرع في إخراج الزكاة رجاء أن يبقى خيرها، ويدون نعيمها، ويكثر ربحها، وقد وعد الله تعالى بزيادة النعم المزكى عليها، وحفظها من التلف، ووضع فيها البركة، وفى آكليها. قال تعالى. د - (وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم ٢٤٤ من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويسبط وإليه ترجعون) ٢٤٥ من سورة البقرة. أمر سبحانه وتعالى بالجهاد في سبيله والسعى لمرضاته جهد الطاقة (من ذا الذى يقرض الله) من استفهامية مبتدأ وذا خبره، والذى صفة ذا أو بدل، وإقراض الله سبحانه وتعالى مثل لتقديم العمل الذى به يطلب ثوابه (قرضا حسناً) إقراضا حسنا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا، وقيل: القرض الحسن بالمجاهدة والإنفاق في سبيل الله. والمعنى أيقرض الله أحد فيضاعف جزاؤه كثرة لا يقدرها إلا الله سبحانه وتعالى، وقيل: الواحد =