الدليل الرابع: قال تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ٢٧٤ من سورة البقرة. وعد الله تعالى المنفقين لله بزيادة الأجر عنده سبحانه والله أكبر وخزائنه لا تنفد ورحمته واسعة يمن على المحسن بوفرة المال وكثرة النعم وجودة الصحة ولباس التقوى والعافية والتوفيق للطاعة والإلهام إلى الصواب وقرة العين وفرح القلب وإزالة هموم الدنيا وراحة الضمير واطمئنان النفس والبشرى بالسعادة والحكمة في العمل وصواب النطق. يا أخى: ثلاثة تزف إلى المنفق لله: أولا: أجره عند ربه. ثانياً لا خوف عليه من أي سوء، وأنه محصن من كل شر، ويقيه الله كل مكروه ويحفظه دنيا وأخرى. ثالثا: لا يتكدر ولايحزن ولا يصيبه هم ولا غم. أتشك في هذا؟ جرب أيها المؤمن وزك وتصدق، وأقم شعائر الدين، وأد تعاليمه تفز والله، وتسعد والله، وتغتن والله، ويحبك الله ورسوله والناس أجمعون. (سراً وعلانية) أي ينفقون في الجهر أمام الجمهور، وفي الخفية؛ ويعمون الأوقات والأحوال بالخير. نزلت في أبى بكر الصديق رضي الله عنه تصدق بأربعين ألف دينار: عشرة بالليل وعشرة بالنهار وعشرة بالسر وعشرة بالعلانية، وقيل في أمير المؤمنين على رضي الله عنه لم يملك إلا أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلا ودرهم نهاراً ودرهم سراً ودرهم علانية، وقيل في ربط الخيل في سبيل الله تعالى والإنفاق عليها. قال الصاوى رحمه الله: ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالمراد بيان أجر المنفق على هذا الوجه، فلا خصوصية لأبى بكر بذلك ولا لعلى أهـ. الدليل الخامس: قال تعالى: (يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) ٢٧٦ أي يذهب ببركته ويهلك المال الذى يدخل فيه الربا (ويربى) أي يضاعف ثوابها ويبارك فيما أخرجت منه. وعنه عليه الصلاة والسلام (إن الله يقبل الصدقة ويربيها كما يربى أحدكم فاوه) أي مهره. وعنه عليه الصلاة والسلام: (ما نقصت زكاة من مال قط). والله تعالى لا يرضى عنه ولا يحبه محبته للتوابين (كل كفار) أي مصر على تحليل المحرمات (أثيم) أي منهمك في ارتكابه أهـ بيضاوى. يقارن بك أيها المسلم بين المال الحلال والحرام، فصاحب الحرام مغضوب عليه جبار مكار مذنب يسعى إلى حتفه بظلفه بجمعه ليعذب به، ويدب في الأرض ليكثر منه فيكون عليه نقمة لا نعمة، والمال الذى لا تؤدى زكاته مثل الحرام المغضوب أو المسروق، أو المجموع من طرق خسيسة، أو منهى عنها. أما صاحب المال الذى يزكى فترفرف عليه شارة السعادة لأنه المتبع أوامر الله فزكى عنه. الدليل السادس: قال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد ٢٦٧ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) ٢٦٨ من سورة البقرة. أمر الله المؤمنين بالإنفاق من المال الحلال أو الجيد، ومن طيبات ما أخرج سبحانه من الأرض كالحبوب والثمرات والمعادن على شريطة أن لا تقصدوا الردئ منه فتخرجوه (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) أي =