للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن كانت هجرته (١) إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها (٢) فهجرته إلى ما هاجر إليه. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

(قال الحافظ) وزعم بعض المتأخرين أن هذا الحديث بلغ مبلغ التواتر، وليس كذلك فإنه انفرد به يحيى بن سعيد الأنصارى عن محمد إبراهيم التيمى، ثم رواه عن الأنصارى خلق كثير نحو مائتى راوٍ، وقيل سبعمائه راوٍ، وقيل أكثر من ذلك، وقد روى من طرق كثير غير طريق الأنصارى، ولا يصح منها شيء: كذا قاله الحافظ على بن المدينى وغيره من الأئمة. وقال الخطابي: لا أعلم في ذلك خلافا بين أهل الحديث، والله أعلم.

١٦ - وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا (٣) ببيداء من الأرض يُخسفُ بأوَّلِهِمْ وآخرهم. قالت قُلتُ يا رسول الله كيف يُخسَفُ بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم (٤)، ومن ليس منهم (٥)؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم (٦) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

١٧ - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يُبْعَثُ الناس على نياتهم (٧)، رواه ابن ماجه باسناد حسن، ورواه أيضاً من حديث جابر إلا أنه قال: يحشر الناس.

١٨ - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رجعنا من غزوة تبوك (٨) مع النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلكنا شِعْباً (٩) ولا وادياً (١٠)


(١) عمله وانتقاله من مكة إلى المدينة حينما كانت مكة دار كفر.
والمعنى أن الأعمال لا يعول عليها عند الله تعالى، ولا يثاب عليها فاعلها إلا إذا صحبتها نية خالصه لله، ويتفرع على ذلك أن من هاجر من مكة إلى المدينة؛ وكان قصده بهجرته وجه الله ورسوله فهذه الهجرة مقبولة منه مثاب عليها، وأن من هاجر وكان قصده عرض الدنيا أو امرأة يتزوجها فليست هجرته مقبولة ولا مأجوراً عليها.
(٢) يتزوجها. والمعنى: العاقل يسعى جهده في درك الأعمال الصالحة لله، ويكد في دنياه وقلبه مملوء إيماناً بربه طالبا ثوابه ورضاه (ومن أوى إلى الله آواه).
(٣) المراد في آخر الزمان يسطو الأعداء على فتح مكة فيزلزل الله بهم الأرض فتخسف، ويجعل باطنها ظاهرها.
(٤) مجتمعات الناس للبيع والشراء.
(٥) أي فيهم قوم أخلصوا لله في عملهم ونياتهم.
(٦) يحاسبون على أعمالهم إن خيرا، وإن شرا.
(٧) الله سبحانه وتعالى يجمع الخلائق؛ ويحاسب كل إنسان على نيته وضميره وأفعاله.
(٨) كان صلى الله عليه وسلم يحارب في هذه البلدة (تبوك) وبعد ان انتصر انتصاراً باهراً. ورجع سالما أرشد عن رجال أخلصوا لله في نياتهم وقلوبهم ترعى المحاربين؛ وتشملهم بعطفهم ودعائهم، والله تعالى يثيبهم، ويعطيهم أجورهم مضاعفة.
(٩) طريقاً في الجبل.
(١٠) طريقاً سهلة بعيدة عن عورة المسلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>