للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آناء الليل وأناء النهار فيقول الله عز وجل له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال فلان قارئ، وقد قيل ذلك،

لا ثواب في صلة الرحم والجهاد مع الرياء

ويُؤْتَى بصاحب المال فيقول الله عز وجل ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحدٍ؟ قال بلى يارب.

قال فماذا عملت فيما أتيتُك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله تبارك وتعالى: بل أردت أن يقال فلان جواد، وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قُتِلَ في سبيل الله، فيقول الله لَهُ: فيماذا قتلت؟ فيقول أي رب أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جرئ، فقد قيل ذلك، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جرئ فقد قيل ذلك، ثم ضرب رسول الله ? على رُكْبَتَيَّ فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أوَّلُ خلق الله تُسْعَرُ بهم (١)

النارُ يوم القيامة. قال الوليد أبو عثمان المدينى: وأخبرني عقبة أن شفيًّا هو الذى دخل على معاوية فأخبره بهذا قال أبو عثمان: وحدثنى العلاء بن أبى حكيم أنه


(١) تتقد وتهيج وتلهب، من سعر النار والحرب: هيجها وألهبها، وبابه قطع، ومنه (وإذا الجحيم سعرت) معنى الحديث: دخل شفى الأصبحى المدينة فيرى محدثاً عظيما يهرع الناس لسماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرب منه وطلب حديثاً فهمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أغمى عليه ثلاث مرات من شدة الوجل من الله عز وجل، ومن أسفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشوقه إليه أدي أمانة العلم، ويخاف أبو هريرة مع شدة ورعه أن يتسرب إلى علمه هذا شئ من الرياء ثم أدى أمانة العلم، فحدث عن خير الخلق صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة: عالم يطلب حب الظهور والثناء، ولم يخلص في علمه مع كثرة تهجده وعبادته، ولكن فيها قليل من الرياء، والثاني: وسع الله عليه في دنياه فأكثر من مشروعات الخير ومن الصدقات، ولكن في نيته انتظار ثناء الناس وحب الفخفخة والشهرة وانطلاق الألسنة بالثناء عليه، فرد الله عليه أعماله الخيرية، وجزاه عليها في حياته ثناء طيباً فقط (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) وكذلك الذي حارب ليفتخر الناس بشجاعته، ويتحدثوا بقوته وعزيمته وحسن بلائه، حين سمع سيدنا معاوية بن أبى سفيان هذا الحديث بكى، وتلا الآية الشريفة التي تطلب من المسلمين أن يريدوا بعملهم الصالح حب الله فقط وجزاءه ويتركوا زخارف الدنيا وبهجتها الحقيرة خشية ضياع ثواب الله في الآخرة، ويرد ما كان لغيره سبحانه. يذكرني هذا رؤيا والدى (رحمه الله تعالى وطيب ثراه وأكرم مثواه) في ضحوة يوم من سنة ١٣٥٠ هـ جاء إلى فقلت له ياوالدى ألم افعل كذا وكذا وكذا. فقال بلى، ولكن (بنقول) يريد والدي (أغدق الله عليه رضوانه) أن ينصحنى إن فعلت خيراً لا أتحدث به مطلقاً خشية أن يمدحنى الناس به فيضيع ثواب الله جل وعلا في فعله، وخشية غرور النفس وإدخالها الرياء في عملها لله ويكون مقصدها زينة الدنيا من ثقة الناس بي مثلا أو مدحهم فيحبط هذا الصنيع ويبطل هذا العمل، وهذا درس أخذته من والدي رحمه الله في الرؤيا، وأعلم أنه كان على جانب من الله وطاعته عظيم. نسأل الله الإخلاص ونبذ الرياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>