للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان سيّافَا لمعاوية. قال: فدخل عليه رجل فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال: معاوية قد فُعِلَ بهؤلاء هذا، فكيف بمن بَقِىَ من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاءً شديداً حتى ظننا أنه هالكٌ، وقلنا: قد جاء هذا الرجل بشر، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه وقال صدق الله ورسوله ?، من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نُوَفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحَبِطَ ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون. ورواه ابن خزيمة في صحيحه نحو هذا لم يختلف إلا في حرف أو حرفين.

(قوله): جرئ هو بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد: أي شجاع، نشغ بفتح النون والشين المعجمة وبعدها غين معجمة: أي شهق حتى كاد يغشى عليه أسفاً أو شوقاً.

من قتل صابرا محتسبا بعث كذلك

٣ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قُلْتُ: يا رسول الله أخبرنى عن الجهاد والغزو؟ فقال: يا عبد الله بن عمرو، وإن قاتلت صابراً (١) مُحتسباً (٢) بعثك الله صابراً محتسباً، وإن قاتلت مُرائياً (٣) مُكاثراً بعثك الله (٤) مرائيا مكاثرا، ياعبد الله بن عمرو، على أي حال قاتلت، أو قُتلت بعثك الله على تلك الحال. رواه أبو داود.

(قال الحافظ) وستأتى أحاديث من هذا النوع في باب مفرد في الجهاد إن شاء الله تعالى.

٤ - وعن أُبَيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم بَشِّرْ هذه الأمة بالسناء (٥) والرفعة (٦) والدِّين والتِّمْكِينِ في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخر من نصيب. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقى وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وفي رواية للبيهقي قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَشِّرْ هذه


(١) الصبر: حبس النفس عن الجزع والركون إلى الله.
(٢) طالباً ثواب الله عز وجل.
(٣) مرائيا: أي مظهراً عملك للناس ليثنوا عليك خيراً، أي تطلب الرياء والظهور والفخر يحييك الله يوم القيامة على هذه النية ولا ثواب لك.
(٤) في نسخة: بعثك مرائياً بدون لفظ الجلالة.
(٥) العز والعلو.
(٦) ان الله ينصر دين محمد صلى الله عليه وسلم ويثبت المسلمين ويعطيهم الملك والمال والقوة وتدين لهم الملوك الطاغية، ويبسط حكمهم وينفذ أمرهم، ثم يحاسب كل إنسان على نيته؛ فمن تظاهر بالإصلاح وغش وخدع، واستعمل أعمال الآخرة لجلب الدنيا وكسب خيراتها بمسوح الصلاح يحشر يوم القيامة عارياً ولا حظ له في الآخرة. إن الذى يحبط الحسنات: التظاهر الكاذب؛ وخلو العمل من الإخلاص لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>