للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً فأتى برغيفٍ فكسره فأعْطى رجلاً عن يمينهِ نصفه، وأعطى آخر عنْ يسارهِ نصفهُ


= ثانيا: يضع الله البركة في المال الباقي، ويبعد عنه المصائب، ويزيده نماء وربحاً (ما نقصت صدقة من مال).
ثالثاً: الصدقة سبب زيادة الرزق ونصر الله وعنايته بالمتصدق (ترزقوا وتنصروا وتجبروا).
رابعاً: يسخر الله للمتصدق ما يفيده من سقى أرض ومساعدة ووجود مال ومحبة الأصدقاء (اسق حديقة فلان) وفيه يبارك الله في ماء الأنهار لتروي الأرض المزكاة.
خامساً: تبعد صاحبها عن النا، وتفك عنه ضيق الدنيا والآخرة (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
سادساً: الصدقة تزيل الخطايا وتغسل صحيفة صاحبها من الأدناس وتطهرها من الذنوب (تطفئ الخطيئة). وقد أعلمنا قائد الحكمة، ومبعث الرحمة عابداً راهباً أخطأ فأفحش فلم ينفعه عمله إلا صدقة رغيف أورغيفين أطفأت خطيئته (رجح الرغيف).
سابعاً: الصدقة تصد الرزايا، وتمنعالحوادث، وتجلب حسن الخاتمة، فيموت المحسن على فراشه مبرشاً بنعيم الله لا يموت برصاص، ولا يقتله قاتل، ولا يحسد، ولا يذم، ولا يقتل مؤامرة، ولايعاكس، (وتدفع سبعين بابا من ميتة السوء) كالحسد والكيد والدس والتآمر والفقر وموت البغتة، وهكذا من العواقب القبيحة الرذيلة السيئة.
ثامناً: الصدقة درع قوي يلبسه المحسن فيقيه عاديات الدهر، وحوادث الزمان (جنة تغشي أنامله وتعفو أثره).
تاسعاً: الصدقة كشجرة يستظل بها المحسن: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد) ٣١ من سورة آل عمران (ظل المؤمن يوم القيامة صدقته).
عاشراً: الصدقة تهدم حصون الشياطين، وتكسر أنيابهم، وتحطم قيودهم وترد كيدهم، وتصد بغيهم. (يفك عنها لحيا سبعين شيطاناً) المعنى أن الشيطان يضع أنيابه ولحيه عند ما يهم المتصدق أن ينفذ الإنفاق فيوسوس له بالبخل والشح والفاقة، وعدم احتياج هذا السائل, وهكذا من الغواية فمن تصدق فك أغلاله، وأزال وساوسه، وأنفق لله، فحماء الله من أذاهم، ووقاه شرورهم، وحفظه من إضلاله، وأبعد عنه أضراره. قال تعالى يحكي عن الشيطان: (قال فيما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ١٦ ثم لآتينهم ممن بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ١٧ قال اخرج منها مذموما مدحوراً لمن تبعك منهم لأملئن جهنم منكم أجميعن) ١٨ من سورة الأعراف.
أحد عشر: الصدقة تضع البركة في العمر بإذن الله تعالى، وتجلب الصحة، وتدعو إلى والوئام، وتجلب محبة الناس، وتقيم حصونا منيعة من قلوب الفقراء ليحفظوه بأنفسهم، وليدعو له بخير، وليصدوا عنه كل باغ، ويحرسوه، ويتمنوا خدمته وراحته (صدقة المسلم تزيد في العمر).
وإليك أيها الأخ أقدم آية عزاء يوم الاحتضار تبلغ النفس أعالي الصدر. (التراقي) وتقول ملائكة الموت أيكم يرقى بروحه (ويظن) المحتضر. (الفراق) وتلتوى ساقه بساقه، فلا يقدر على تحريكهما، أو شدة فراق الدنيا بشدة خوف الآخرة. لماذا؟ لأنه كان لا يتصدق، ولا يزكي ماله، ولا يؤدي حقوق الله من صلاة وغيرها، ومصداق ذلك قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة ٢٣ إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أنه يفعل بها فاقرة كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى) ٣٢ من سورة القيامة.
(ناضرة) بهية متهللة .. (ناظرة): مستغفرة مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه، أو منتظرة إنعامه (باسرة): شديدة العبوس. (فاقرة) داهية تكسر الفقار. (المساق): سوقه إلى الله وحكمه إن شاهدنا: (فلا صدق): أي حال ذلك الرجل مؤلم لأنه كان بخيلا وشحيحاً لم يزك ولا يصل.
اللهم بلغنا رضاك لنراك.
(الإنفاق خصلة الأبرار)
ولقد أجمع العقلاء على حقارة الدنيا، ورغب عنها المتقون الذين استبدلوا بحبها طاعة الله وأنفقوا فنالوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>