للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وفي رواية لمسلم، وابن ماجه عن حذيفة أيضاً عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ رجلاً مات فدخل الجنَّة فقيل له: ما كنت تعمل؟ قال: فإمَّا: فإما ذكر، وإمَّا ذكِّرَ؟ فقال: كُنْت أبايع الناس فكنتُ أنظر المعسر، وأتجوَّز (١) في السِّكة، أو في النَّقد فغفر له.

٤ - وفي رواية للبخاري ومسلم عنه أيضاً قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ رجلاً ممنْ قبْلكمْ أتاه الملك (٢) ليقبض روحه، فقال: هل علمتَ من خيرٍ؟ قال: ما أعلم. قيل له: أنظرْ! قال: ما أعلم شيئاً غير أنِّي كنت أبايع النَّاس (٣) في الدنيا فأنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسرِ، فأدخله الله الجنة، فقال أبو مسعودٍ: وأنا سمعتهُ يقول ذلك.

٥ - وعنه رضي الله عنه قالى: أتى الله بعبدٍ من عباده آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عمْلت في الدنيا؟ قال: ولا يكْتُمون الله حديثاً؟ قال: يا رب آتيتني مالا فكنتُ أبايع الناس، وكان من خُلقي الجواز (٤) فكنت أيسِّر على (٥) الموسر، وأنظر المعسرَ فقال الله تعالى: أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي، فقال عقبة بن عامر، وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا موقوفاً على حذيفة، ومرفوعاً عن عقبة وأبي مسعود.

٦ - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يداين الناس، وكان يقول لفتاه (٦): إذا أتيت معسراً، فتجاوزْ عنه لعلَّ الله


(١) أتسامح في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير. والسكة: الدراهم والدنانير، بمعنى أني أتساهل ولا أدقق.
(٢) سيدنا عزرائيل عليه السلام.
(٣) أعاملهم وأتبادل معهم، فإذا جاء وقت أداء آخذ من الغني القادر على الدفع، وأؤخر المطالبة من غير القادر على الدفع حتى ييسر له الله حباً في ثوابه سبحانه، ففيه الحث على الرفق في طلب الدين، والرأفة بعباد الله المدينيين والرحمة والشفقة واستعمال الحلم والكرم، وحسن المعاملة.
(٤) التسامح وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعسر، والوضع عنه إما كل الدين، وإما بعضه: من كثير أو قليل، أو فضل المسامحة في الاقتضاء، وفي الاستيفاء سواء استوفى من موسر أو معسر، وفضل الوضع من الدين وأنه لا يحتقر شيء من أفعال الخير: فلعله سبب السعادة والرحمة. وفيه جواز توكيل العبيد والإذن لهم في التصرف وهذا على رأي من يقول: شرع من قبلنا شرع لنا. أهـ ص ٢٢٤ جـ ١٠.
(٥) آخذ ما تيسر، وأسامح بما تعسر.
(٦) خادمة محصل ماله (الجابي).

<<  <  ج: ص:  >  >>