للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(افنحي) بالحاء المهملة، وانضحي، وأنفقي الثلاثة معنى واحد، وقوله: لا توكي، قال الخطابي: لا تدخري، والإيكاء: شدّ رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يربط به، يقول: لا تمنعي ما في يدك فتنقطع مادة بركة الرزق عنك انتهى.

١٢ - وعنْ بلالٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال: مُتْ فقيرا (١) ولا تمتْ غنيًّا. قلت: وكيف لي بذلك؟ قال: ما رُزقتَ فلا تخْبأ (٢)، وما سُئلْت فلا تمنعْ، فقلتُ: يا رسول الله وكيف لي بذلك؟ قال: هو ذاك أو النَّار (٣). رواه الطبراني في الكبير، وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وعنده: قال لي: ألق الله فقيراً، ولا تلقهُ غنيًّا، والباقي بنحوه.

١٣ - وعنِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتينِ: رجل آتاه الله مالاً فسلطهُ على هلكتهِ في الحقِّ (٤)، ورجل آتاه الله حكمة (٥) فهو يقضي بها (٦) ويعلِّمها (٧).

وفي روايةٍ: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو ييقوم به آناء الليل، وآناء النَّهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه (٨) آناء الليل، وآناء النهار، رواه البخاري ومسلم، والمراد بالحسد: هنا الغبطة، وهو تمنى مثل ما للمغبط، وهذا لا بأس به، وله نيته، فإن تمنى زوالها عنه فذلك حرام، وهو الحسد المذموم.

١٤ - وعنْ طلحة بن يحيى عنْ جدَّتهِ سُعدى قالت: دخلت يوماً على طلحة تعْني ابن عبيد الله: فرأيت منه ثقلاً (٩)، قلت له: مالك (١٠) لعلَّه رابك (١١) منَّا


(١) كثير الإنفاق تصرف مالك كله في الصالحات.
(٢) تكنز أو تذخر، والخبء: كل شيء مستور غائب، من خبأ.
(٣) إما الإنفاق فتؤجر أو للكنز فتمنع حقوق الله وتشح فتدخل النار، فدخول النار متوقف على حساب الله كيف أنفقت مالك؟.
(٤) أعمال الخير.
(٥) القرآن والسنة.
(٦) يحكم بين الناس بما أنزل الله.
(٧) ويفقه الناس بالكتاب والسنة، ويدعو إلى الله، ويرشد للحق.
(٨) يجود به في الأوقات كلها ابتغاء حب الله.
(٩) مرضا وشدة ألم.
(١٠) أي شيء أصابك.
(١١) شكك: يقال: رابني وأرابني: شككني، ومنه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك: أي اترك ما تشك فيه إلى ما لا تشك فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>