للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبْرائيل عليه السلام ليلة القدر، ومن صافحه جبرائيل عليه السلام يرق (١) قلبهُ، وتكثر دموعه. قال: فقلت: يا رسول الله أفرأيت من لمْ يكن عنده؟ قال: فقبصة (٢) منْ طعامٍ. قلتُ: أفرأيت إن لمْ يكن عنده لقمة خبزٍ؟ قال: فمذقة من لبنٍ. قال: أفرأيت إنْ لمْ تكنْ عنده؟ قال: فشربة من ماء.

(قال الحافظ): وفي أسانيدهم على بن زيد بن جدعان، ورواه ابن خزيمة أيضاً، والبيهقي باختصار عنه من حديث أبي هريرة، وفي إسناده كثير بن زيد.

١٥ - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أظلَّكم (٣) شهرُكمْ هذا بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما مرَّ بالمسلمين شهرٌ خير لهم منهُ، ولا مرَّ بالمنافقين شهرٌ شهرٌّ لهم منه بمخلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليكتبُ أجره ونوافله قبل أن يدخله، ويكتب إصره (٤)، وشقاءه قبل أنْ يدخله، وذلك أن المؤمن يعدُّ فيه القوت من النَّفقة للعبادة، ويعدُّ فيه المنافق اتِّباع غفلاتِ


(١) يكثر إيمانه بالله، ويزدد خوفا من الله، ويخش الله، ويعمل صالحاً. قال تعالى: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) ١٢ من سورة الملك.
والمعنى أنه يعد من الصالحين الذاكرين الله كثيراً، ويحشر مع المتقين.
(٢) قبصة بضم القاف كغرفة: قبضة لما غرف، والقبص: الأخذ بأطراف الأصابع، ومنه حديث مجاهه في قوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) يعني القبصة التي تعطي للفقراء عند الحصاد. أهـ من النهاية.
دعا صلى الله عليه وسلم إلى تقديم طعام للصائم الفقير على شريطة أن يكون هذا من كسب طيب بعيد عن الشبه والحرام، وبين صلى الله عليه وسلم ثوابه.
أ - دعاء الأبرار له طيلة الشهر كله.
ب - تسليم جبريل عليه تسليما معنوياً يشعر به المقربون عند الله، وبذا يكتسب القبول، ورضا الله ويحيطه الله بهيبته وخشيته (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ثم رغب في الجود بقدر ما تيسر، ولو قطرة ماء.
(٣) أحاط بكم ثوابه، وغمركم فضله، وحل عليكم وقته.
(٤) ذنبه. المعنى أن الصالح ينتهز فرصة وجوده، فيستعد لطاعة الله فيه، ويقدم ما أحل الله له فيه من الطيبات من الرزق ليستعين بها على العبادة، والصوم الصحيح والقيام، ويزداد الكافر والفاسق حسرة، فيتبعان نقائص المقصرين، وعيوب المفتونين، وفيه التحذير من مجالسة العصاة، وطلب التباعد عنهم، وفيه الإخبار أن المفطر منافق ومجرم، وقد علم الله سبحانه الطائعين، فأجزل لهم الأجر والعاصين، فعد خطاياهم وقدر ذنوبهم، وأحاط بعصيانهم وفجورهم ولا تخفي عليه خافية (فإذا جاءت الطامة الكبرى ٣٤ يوم يتذكر الإنسان ما سعي ٣٥ وبرزت الجحيم لمن يرى ٣٦ فأما من طغى ٣٧ وآثر الحياة الدنيا ٣٨ فإن الجحيم هي المأوى ٣٩ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ٤٠ فإن الجنة هي المأوى) ٤١ من سورة النازعات. (وآثر) انهمك في الدنيا، ولم يستعد للآخرة بالعبادة، وتهذيب النفس، واغتنام ثواب الصوم، ولكنه ضيع عمره في اتباع الغفلات وجرى في ميدان الحسرات والعورات، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>