للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقبل الله عملا فيه مثقال حبة من خردل من رياء

٢٧ - وعن القاسم بن مُخيمرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله عملا فيه مثال حبة من خردل من رياء. رواه جرير الطبرى مرسلاً.

٢٨ - وروى عن عدىِّ بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يُؤْمَرُ يوم القيامة بناس من الناس إلى الجنة حتى إذا دنوا (١) منها، واستنشقوا ريحها، ونظروا إلى قصورها، وما أعد الله لأهلها فيها نُودُوا أن اُصْرِفُوهُم (٢) عنها لا نصيب (٣) لهم فيها، فيرجعون بحسرة (٤) ما رجع الأولون بمثلها فيقولون: ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن تُرِيَنَا ما أرَيْتَنَا (٥) من ثوابك، وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون علينا، قال: ذاك أردت بكم، كنت إذا خلوتم بارزتمُونى بالعظائم (٦)، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين (٧)، تُرَاءُونَ الناس بخلاف ما تعطونى من قلوبكم هِبْتمُ (٨) الناس ولم تهابونى، وأجللتم (٩) الناس ولم تُجِلُّونِي، وتركتم للناس ولم تتركولى - اليوم أُذيقُكُمْ أليم العذاب مع ما حُرِمتم من الثواب. رواه الطبراني في الكبير والبيهقى.

٢٩ - وروى عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الاتقاء (١٠) على العمل أشدُّ من العمل، وإن الرجلُ ليعمل العمل فيكتبُ له عمل صالح معمول به في السر علانية ويُمْحى تضيف أجره كله، ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس الثانية، ويُحِبُّ أن يُذْكَرَ به، ويُحْمَدَ عليه فَيُمْحى من العلانية، ويُكْتَبَ رياء، فاتقى الله امرؤ صان دينه، وإن الرياء شرك. رواه البيهقى، وقال: هذا من أفراد بقية عن شيوخه المجهولين.


(١) قربوا منها وشموا نسيمها.
(٢) أبعدوهم عن الجنة.
(٣) حظ.
(٤) ندامة وألم.
(٥) في نسخة: رأيتنا.
(٦) فعلتم الكبائر سرا إذ لم يركم أحد، وأعلنتم عصيانى وأنا أراكم.
(٧) مظهرين خوف الله جل وعلا، وتأخذكم الرهبة عند ذكر الله أمام الناس لتغشوا أو تخدعوا وتشتروا بالإخلاص لله الظاهر قلوب العامة لتستولوا على أموالهم، وتأكلوا طعامهم، وتأخذوا صدقاتهم - فويل لمن تظاهر بطاعة الله وقلبه مملوء فسقاً وعصيانا وحسداً ونفاقاً، ولا يفعل أوامر الله جل وعلا.
(٨) خفتم.
(٩) عظمتم الناس وغفلتم عن واجب من غمركم باحسانه، ولم تخشوا الله: والله أحق أن تخشوه.
(١٠) الاتقاء التقوى والإخلاص والحفظ والكتمان لله وعدم إذاعة فضله: أي الخوف من الإقدام على العمل أهو مقبول عند الله؛ وشدة الحذر والوجل من فعله خشية أن يحبط ثوابه - أكثر ثواباً عند الله من العمل نفسه بمعنى أنك تعزم فتعمل وتملأ قلبك خشية منه جلا وعلا، ورغبة في ثوابه ورهبة من عقابه حتى لا يجد الشيطان عليه سبيلا، وإلا فينقل عمله من السر إلى الجهر، ومازال يتفاخر به حتى يحرم ثوابه ويعد رياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>