للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، حيث ودعنا: إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في جزيرتكم هذه، ولكن يُطاع فيما تحتقرون من أعمالكم فقد رضى بذلك فقال عبد الرحمن أنشدك الله يا معاذ أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صام (١) رياءً فقد أشرك، ومن تصدق رياء فقد أشرك. فذكر الحديث وإسناده ليس بالقائم، ورواه أحمد أيضاً والحاكم من رواية عبد الواحد بن زيد عن عباة بن نسى قال: دخلت على شداد بن أوس في مُصَلاَّهُ وهو يبكى، فقلت يا أبا عبد الرحمن: ما الذى أبكاك؟ قال حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وما هو؟ قال بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رأيت بوجهه أمرا ساءنى، فقلت: بأبى وأُمى يا رسول الله ما الذى أرى بوجهك (٢). قال أمراً أتخوفه على أُمتى: الشرك، وشهوة خفية. قلت وتُشْرِكُ أُمَّتُكَ من بعدك؟ قال يا شداد: إنهم لا يعبدون شمساً، ولا وثناً، ولا حجراً، ولكن يُراءُون الناس (٣) بأعمالهم. قلت يا رسول الله: الرياء شرك هو (٤)؟ قال نعم. قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: يصبح أحدهم صائما (٥)

فتعرض له شهوة من شهوات الدنيا فيفطر. قال الحاكم: واللفظ له صحيح الإسناد.

من صام رياء الخ فقد أشرك

(قال الحافظ عبد العظيم) كيف وعبد الواحد بن زيد الزاهد متروك، ورواه ابن ماجة مختصرا من رواية روّاد بن الجرّاح عن عامر بن عبد الله بن ذكوان عن عبادة بن نسى عن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخوف على أُمتى الإشراك بالله، أما إنى لست أقول يعبدون شمساً ولا قمراً، ولا وثناء، ولكن أعمالاً لغير الله وشهوة خفية. وعامر بن عبد الله لا يعرف، وروّد يأتى الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وروى البيهقى عن يعلى بن شداد عن أبيه قال: كنا نَعُدّ الرِّيَاء في زمن النبى صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر (٦).


(١) أي يقصد بصومه مدح الناس له أنه تقى ورع صالح.
(٢) ليست في نسختين.
(٣) يحب المرء أن يتباهى الناس بعمله الخيري ولا ينوي ثواب الله.
(٤) في نسخة: بلا هو.
(٥) ينوي أن يصوم ليلا، فإذا أقبل النهار وعرضت له ملذة ارتكبها، وربما يصوم يوم رمضان، فيغتاب أو يسرق، أو يؤذى أحداً، ولا يمنعه صومه من ارتكاب المعاصى - وما صومه هذا إلا امتناع عن الطعام والشراب فقط .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع) قال تعالى: يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء).
(٦) لأن فيه تعظيما لغير الله ورعاية حق غير الله، وقد عد الله المرائين منافقين. من باب التشبيه والتغليظ: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً) والمعنى في الآية لمن ضموا إلى الكفر استهزاء بالإسلام وخداعا للمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>