للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجتك عند الله يوم القيامة، يا معاذ: إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض، ثم خلق السموات فجعل لكل سماء من السبعة ملكا بواباً عليها قد جللها عظما فتصعد الحفظة بعمل العبد من حين أصبح إلى أن أمسى، له نور كنور الشمس حتى إذا صعدت به إلى السماء الدنيا ذكرته فكثرته، فيقول الملك للحفظة: اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، أنا صاحب الغيبة أمرنى ربى أن لا أدع عمل من اغتاب الناس يُجاوزنى إلى غيرى. قال ثم تأتي الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد فتمر فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية، فيقول لهم الملك الموكل بالسماء الثانية: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه أراد بعمله هذا عرض الدنيا، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى، إنه كان يفتخر على الناس في مجالسهم. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يبتهج نورا من صدقة وصيام وصلاة قد أعجب الحفظة فتجاوز به إلى السماء الثالثة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الكبر، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان يتكبر على الناس في مجالسهم. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر الكوكب الدريُّ، له دوى من تسبيح وصلاة وحج وعمرة حتى يجاوزوا به إلى السماء الرابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه، اضربوا ظهرَهُ وبطنه، أنا صاحب العُجب أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى إنه كان إذا عمل عملا أدخل العُجب في عمله.

قال وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى يجاوزوا به إلى السماء الخامسة كأنه العروس المزفوفة إلى بعلها، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحملوه على عاتقه، أنا ملك الحسد إنه كان يحسد الناس ممن يتعلم، ويعمل بمثل عمله، وكل من كان يأخذ فضلا من العباد يحسدهم ويقع فيهم، أمرنى ربى أن لا أدع عمله يجاوزنى إلى غيرى. قال وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة، وزكاة؛ وحج وعمرة، وصيام فيجاوزون به إلى السماء السادسة، فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه كان لا يرحم إنسانا قط من عباد الله أصابه بلاءٌ أو ضرٌ بل كان يشمت (١) به، أنا ملك الرحمة أمرنى ربى أن لا أدع عمله


(١) الشماتة: الفرح ببلية العدو، وبايه سلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>