للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتى، يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ (١) راحلته، ثمَّ دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه، وفاضت عيناه بالبكاء، فذكر الحديث، قال: ورمل (٢) ثلاثاً، ومشى أربعاً حتى فرغ، فلما فرغ قبَّل الحجر، ووضع يديهِ عليه، ثمَّ مسح (٣) بهما


(١) بركها.
(٢) هرول ومشى بسرعة.
(٣) تبرك به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل، ثقة بالله تعالى، ورجاء شمول رحمة الله. فلنا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ونقبله ونعظمه إشارة إجلال لله، ونسمح به وجوهنا تبركا رجاء إحسان الله وفضله.
وقال علي رضي الله عنه في فائدة الحجر الأسود: يشهد للمؤمن بالوفاء، ويشهد على الكافر بالجحود حينما أخذ الله الميثاق على الذرية وألقمه هذا الحجر، ويعجبني ما كتبه الغزالي رحمه الله: كان بعض السلف في هذا الموضع يقول لمواليه: تنحوا عني حتى أقر لربي بذنوبي. أهـ إحياء، وقد كتب في فضيلة الحج. قال الله عز وجل:
أ - (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فجٍ عميق. ليشهدوا منافع لهم) قيل التجارة في الموسم، والأجر في الآخرة، ولما سمع بعض السلف هذا. قال غفر لهم ورب الكعبة، وقيل في تفسير قوله عز وجل:
ب - (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) أي طريق مكة يقعد الشيطان عليها ليمنع الناس منها، وذكر بعض المقربين من المكاشفين أن إبليس لعنة الله عليه ظهر له في صورة شخص بعرفة. فإذا هو ناحل الجسم مصفر اللون، باكي العين، مقصود الظهر. فقال له: ما الذي أبكى عينك؟ قال: خروج الحاج إليه بلا تجارة. أقول: قد قصدوه، أخاف أن لا يخيبهم فيحزنني ذلك. قال: فما الذي أنحل جسمك؟ قال: صهيل الخيل في سبيل الله عز وجل. قال: فما الذي غير لونك؟ قال: تعاون الجماعة على الطاعة. قال: فما الذي قصف ظهرك؟ قال: قول العبد: أسألك حسن الخاتمة. أقول: يا ويلتي متى يعجب هذا بعمله، أخاف أن يكون قد فطن. أهـ ص ٢١٥ جـ ١.
(ترتيب أعمال الحاج الظاهرة من أول سفره إلى رجوعه إلى بيته)
كما قال الغزالي رحمه الله
أولا: في المال ينبغي أن يبدأ بالتوبة، ورد المظالم، وقضاء الديون، وإعداد النفقة لكل من تلزمه نفقته إلى وقت الرجوع، ويرد ما عنده من الودائع، ويستصحب من المال الحلال الطيب ما يكفيه لذهابه وإيابه من غيره تقتير. بل على وجه يمكنه معه التوسع في الزاد والرفق بالضعفاء والفقراء، ويتصدق بشيء قبل خروجه.
ثانياً: في الرفيق: ينبغي أن يلتمس رفيقاً صالحاً محباً للخير معيناً عليه إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه وإن جبن شجعه، وإن عجز قواه، وإن ضاق صدره صبره، ويودع رفقاءه المقيمين، وإخوانه وجيرانه، وإن الله تعالى جاعل في أدعيتهم خيرا، والسنة في الوداع أن يقول: أستودع الله دينك وآمانتك، وخواتيم عملك، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن أراد السفر: في حفظ الله وكنفه: زودك الله التقوى، وغفر ذنبك ووجهك للخير أينما كنت.
ثالثاً: في الخروج من الدار. يصلي ركعتين يقرأ بعد الفاتحة: قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الإخلاص ثم يدعو الله. =

<<  <  ج: ص:  >  >>