للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه إلا أن الله قد فرض فرائض، وسن سننا، وحد حدوداً، وأحل حلالاً، وحرمَ حراماً، وشرع الدين فجعله سهلا سمحاً واسعاً ولم يجعله ضيقاً؛ ألا إنه لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، ومن نكث (١) ذمة الله طلبه، ومن نكث ذمتى خاصمته (٢)، ومن خاصمته فلجت عليه، ومن نكث ذمتى لم ينل شفاعتى ولم يرد على الحوض. الحديث، رواه الطبراني في الكبير.

(قوله): فلجت عليه بالجيم: أي ظهرت عليه بالحجة والبرهان وظفرت به (٣).

لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، تقبيل الحجر الأسود

١١ - وعن عابس بن ربيعة قال: رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر (يعنى الأسود) ويقول إنى لأعلم أنك حجرٌ لا تنفع ولا تضر ولولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قبلتك (٤).

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

١٢ - وعن عروة بن عبد الله بن قشير قال: حدثنى معاوية بن قُرّة عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهطٍ من مُزَيْنَةَ (٥) فبايعناه وإنه لمطلق الأزرار (٦)

فأدخلت يدى في جنب قميصه فمسست الخاتم. قال عروة فما رأيت معاوية


(١) نقض عهد الله بأن عصى أوامره تعالى، وقد أقرت الذراري بالوحدانية، واعترفت بالربوبية، فالكافر والفاسق: خان الأمانة ولم يرع حق خالقه جل وعلا ولم يطعه.
(٢) أكن ضده يوم القيامة ولم أشفع له وأتخذه عدوى، وفيه: الأمانة من خوف الله، ومراعاة العهد من آداب الدين، والطاعة تجلب محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(٣) وفي المثل: من يأت الحكم وحده يفلج.
(٤) في كتابى (إرشاد الحاج ص ٢٣) الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة. نزل منها مع آجم، أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بنى آدم (كما في الحديث) هذا الحجر الذى كان يقف عليه سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام عند بناء البيت، فيرتفع به حتى يضع الحجر والطين، ويهبط به حتى يتناول ذلك من إسماعيل عليه السلام، وفيه أثر قدميه.
ومن واجبات الطواف البداءة به محاذياً له أو لجزئه بجميع بدنه من جهة شقه الأيسر، ويسن تقبيله ويخفف القبلة أو يشير إليه إشارة تعظيم عند المرور عليه، فأنت ترى سيدنا عمر رضى الله عنه اقتدى به صلى الله عليه وسلم في تقبيله.
(٥) قبيله.
(٦) ما أحلي هذه الحكمة يطلق النبى صلى الله عليه وسلم قيمصه ليتمتع صدره بالهواء، وليبعد عنه ضيق القميص وخنق العنق بالأزرار، وقد اتخذها أهل المدينة اليوم زياً حسناً في التمتع بالهواء، وطلاقة الملبس.
فقه الباب: أن يتعاهد المسلمون علي تقوى الله وطاعته، والسمع لكلام الوالي في أمور لا تغضب الله ولا تضر بآداب الدين وطاعة أوامره، وعدم خلق شقاق أو بث فتنة، إو إيغار نفوس المسلمين وشق عصا الطاعة مهما كانت صنعة الحاكم الذي يحكم بين الناس، أو كانت منزلته في نفوس مواطنيه لينتظم أمر المسلمين، ويسود الاتحاد، ويعمم الأمن، ويعلوا الحق، وفيه الاستضاءة بآداب القرآن، وسنة خير المرسلين =

<<  <  ج: ص:  >  >>