للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - وفي رواية للطبراني قال: من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة


= الثالث عشر: لما كره الصحابة أن يتخذ قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسجدا دفنوه في حجره السيدة عائشة، بخلاف ما اعتادوا من الدفن في الصحراء لئلا يصلى أحد على قبره ويتخذه مسجدا ويتخذ قبره وثنا. أهـ من نيل الأوطار بتصرف ص ٨٢ جـ ٥.
ذكرت ذلك لا ميلا لرأي الجمهور أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم مندوبة بل يعجبني رأي بعض المالكية أنها واجبة، والحنفية أنها قريبة من الواجبات، وأميل إلى رأي الرجوب للقادر المستطيع يحج ويزور أو يزور ويحج صنوان لا زمان، وأمران محتمان ليكمل دين المرء، ويتم إيمانه بالله ورسوله، وتقوي أركان إسلامه وعزيمته في طاعة الله، وأنعم بأرض وطئتها أقدام خير الخلق. النبي صلى الله عليه وسلم متواضع، ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أن ذكر فضل مدينته، وكثرة ثواب الأعمال فيها، والصلاة في مسجد صلى الله عليه وسلم.
وفي الأحاديث الصحيحة:
أ - (كنت له شفيعاً) رواه مسلم والترمذي.
ب - (فيتحملون بأهليهم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم) رواه أحمد والبزار.
جـ - صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواء إلا المسجد الحرام، متفق عليه. قال الغزالي: وكذا كل عمل بالمدينة بألف. وبعد مدينته صلى الله عليه وسلم الأرض المقدسة، فإن الصلاة فيما بخمسمائة صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام، وكذلك سائر الأعمال. أهـ.
د - لا تشد الرحال إلا ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى. قال الغزالي: وقد ذهب بعض العلماء إلى الاستدلال بهذا الحديث في المنع من الرحلة لزيارة المشاهد، وقبور العلماء والصلحاء. وما تبين لي أن الأر كذلك، بل الزيارة مأمور بها. قال صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هجراً). والحديث إنما ورد في المساجد، وليس في معناها المشاهد لأن المساجد بعد المساجد الثلاثة متماثلة، ولا بلد إلا وفيه مسجد فلا معنى للرحلة إلى مسجد آخر، وأما المشاهد فلا تتساوى بل بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله عز وجل. نعم لو كان في موضع لا مسجد فيه، فله أن يشد الرحال إلى موضع فيه مسجد، وينتقل إليه بالكلية إن شاء، ثم ليت شعري هل يمنع هذا القائل من شد الرحال إلى قبور الأنبياء عليهم السلام: (مثل إبراهيم وموسى ويحيى وغيرهم عليهم السلام، فالمنع من ذلك في غاية الإحالة. فإذا جوز هذا فقبور الأولياء والعلماء والصلحاء في معناها. فلا يبعد أن يكون ذلك من أغراض الرحلة كما أن زيارة العلماء في الحياة من المقاصد. أهـ ص ٢١٩ جـ ١.
نحن الآن في زمن يذهب به المترفون إلى أوروبا ترويحاً للنفس واستنهاضا للهمم، وهكذا من دواعي البذخ والإنفاق فيما لا يبقى ثوابه، ولكن المتقين الصالحين يذهبون إلى المدينة المنورة، ويشدون الرواحل إلى الصلاة في مسجدها، وزيارة الساعد الأشد، والسراج المنير، والكوكب المتلألئ صلى الله عليه وسلم ليجمع بين نضرة النعيم، وسعادة الحياة في الدنيا والآخرة. فقد روي لنا البخاري رحمه الله عن أبي حميد رضي الله عنه قال أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك (غزوة سنة تسع من هجرته صلى الله عليه وسلم) حتى أشرفنا على المدينة فقال صلى الله عليه وسلم هذه طابة أهـ قال الشرقاوي: وفي رواية طيبة ولها أسماء كثيرة، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وسميت بذلك لطيب رائحتها، وأمورها كلها، ولطهارتها من الشرك، وحلول الطيب بها صلى الله عليه وسلم، ولطيب العيش بها، ولكونها تنفي خبثها وينصع طيبها، ولطيب شرابها وهوائها. كما هو مشاهد من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا يكاد يجدها في غيرها، ومن أسمائها بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) أي من المدينة لاختصاصها به اختصاص =

<<  <  ج: ص:  >  >>