للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغضب عليه، ولم يقبلْ منه صرفاً، ولا عدلاً.


= البيت بسكانه، والحرم لتحريمها، والحبيبة لحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعائه به، وحرم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه الذي حرمها. وروي الزبير في أخبار المدينة أن لها أربعين اسما أهـ ص ١٣٨ جـ ٢. وهل غاب عن أهل المدينة الحديثة في عصرنا هذا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال). الله أكبر حراس حفظه مهرة مؤيدون بروح الله، محاطون بعناية الله، مزودون بتقوى الله، واقفون على مداخل المدينة وأبوابها، وفوهات طرقها يمنعون الموت الذريع الفاشي (الطاعون) ويصدون الهواء القذر الذي يجلب التخمة ومباءة الحميات. قال الشرقاوي: أي لا يكون بها مثل ما يكون بغيرها كالذي وقع في طاعون عمواس، وهو أول طاعون وقع في الإسلام في خلافة عمر (قرية من قرى بيت المقدس) والعياذ بالله، ووقع بعده طاعون الجاروف، وقد أظهر الله تعالى صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلم ينقل قط أنه دخلها الطاعون ولا يدخلها (الدجال) الكذاب الضال الفتان لطرد الملائكة التي على الأنقاب له. أهـ ص ١٤٠ جـ ٢. لقد اندحرت مصايف لبنان ورأس البر، واسكندرية وأوروبا إزاء هذه النعمة الجليلة التي وهبها الله لمددينة الرسول صلى الله عليه وسلم من طيب الإقامة، وعليل النسيم، وهضم طعامها، ولذة عيشها، وحسن بيئتها على أنها مبعث الإيمان اللصحيح، ووطنه القديم الذي أسس على تقوى من الله ورضوان. كما روي البخاري رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها. قال الشرقاوي: (ليأرز) لينضم ويجتمع أي إن أهل الإيمان لتنضم وتجتمع (كما تأرز الحية) أي كما أن الحية تنتشر من جحرها في طلب ما تعيش به. فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها كذلك أهل الإيمان انتشروا من المدينة، وكل مؤمن له من نفسه سائق إليها لمحبته في ساكنها، وهذا شامل لجميع الأزمنة. أما زمنه عليه الصلاة والسلام فللتعلم منه، وأما زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم فللاقتداء بهم، وأما ما بعدهم فلزيارة قبره المنيف، والصلاة في مسجده الشريف، والتبرك بمشاهدة آثاره وآثار أصحابه. رزقنا الله الرجوع إلى هناك مرة أخرى بمنه وكرمه آمين. أهـ ص ١٤٠ جـ ٢.
يا أخي يسألونك عن اشتداد الأزمة. قل للمسلمين لضعف إيمانكم بالله، ولضياع التوكل على الله، ولنزع البركة في العمل. والدواء الشافي: التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما فعل، وتوطيد العزيمة على حب الله ورسوله، وأعني بذلك:
أ - العمل بكتابه.
ب - وسنة حبيبه.
جـ - شد الرحال إلى بيته الحرام ومسجده صلى الله عليه وسلم، ووالله ما ضيع المسلمين إلا هجر آداب الدين والتقليد الأعمى للأفرنج، وإنفاق المال في الملذات، وخلو الصحيفة من حسنات، ومكرمات ومحامد. لماذا؟ لانشغال القلب عن الله، ولغفلة الناس عن قائد الشرع، وعدم معرفة السيد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم التعلق بزيارة قبره، وشد الرحال لمسجده صلى الله عليه وسلم، ويعجبني معنى حديث تقدم في الحج أن الذي لا ينفق ماله في وجوه البر يفتح الله على ما له أبواب الشرور، ويسلط على هلكته المصائب فيصرف في الأمراض والقضايا والمشاكسة، ومن أنفق في طاعة الله أبعد الله عنه الأضرار والسوء. وأنا أسلم أن موقع المدينة في المنطقة الحارة، والشمس في الصيف شديدة الحرارة جدا، وهذا حسن. فليستكن الإنسان في عقر داره نهاراً أو يستظل بظله إذا مشى، ويحذر وهج الشمس بقد ما استطاع، وبذا يأمن على نفسه، ولا يخشى أضرار الحر، وبعد العصر وفي الليل وفي الصبح. وما أبدع هواها وما أطيبه، وأعد هذا من كرامة الله ورضوانه لساكنها عليه أفضل الصلاة وأجل السلام، والحمد لله لا يزال أهلها وزوارها يتمتعون بهذه المبرة والميزة مدى الحياة، ويشعرون =

<<  <  ج: ص:  >  >>