للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل غير ذلك.

٨ - وروي عنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منْ آذى أّل المدينة آذاه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين، ولا يقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ رواه الطبراني في الكبير.


= (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف فغلبتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال يا عتبى الحق الأعرابي فبشره بأن الله تعالى قد غفر له) ثم يتقدم إلى رأس القبر الشريف فيقف بين الاسطوانة ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى، ويمجده. ويدعو لنفسه بما شاء ولوالديه، ومن شاء من أقاربه ومشايخه وإخوانه وسائر المسلمين، ثم يرجع إلى الروضة فيكثر فيها من الدعاء والصلاة ويقف عند المنبر ويدعو. أهـ من المجموع شرح المهذب ص ٢٧٢ جـ ٨ نقلها لنا الأخ الصالح (محمد أفندي الشرنوبي).
وصف المدينة المنورة مقتبس من الرحلة الحجازية
كانت المدينة في القرن الأول للهجرة في غاية الرقي، بساتينها تملأ الفضاء المحيط بها، وكان للقوم بها رياض ظاهرة، وقصور باهرة في وادي العقيق الذي كان يفور ماؤه، ويبهر رواؤه، وتزهو أرجاؤه، ويكثر زهره، ويفوح عطره، ويجني ثمره، وأسواقها مشحونة بالمتاجر الواردة إليها من الهند والسند والشام وبلاد العجم من ثياب القطن والحرير والصوف والبسط.
وتجارة التمر فيها أكبر التجارات وأوسعها، لأن أرضها فيها كثير من المزارع والبساتين، ونخيلها تنتج نحو سبعين صنفا من التمر، ممتاز بينها العنبري بشدة حلاوته. وكانت أبنية المدينة في أول القرن الثامن الهجري محصورة في سور بناه حولها الأمير جمال الدين وزير صاحب الموصل في منتصف القرن السادس وهو باقي إلى الآن، وعلى محيطه المزاغل والأبراج المشحونة بالمدافع والذخائر الحربية لصد هجمات الأعراب الذين كثيرا ما كانوا ولا يزالون يعتدون على حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخارج هذا السور سور آخر درست معالمه ولم يبق منه إلا جدر مقوضة مهدمة، وينزل ركب المحمل المصري بين السورين في فضاء اسمه المناخة.
وفي المدينة وأرباضها أماكن أثرية ألبستها ذكرى مجدها الغابر شرفا وجلالا وهيبة تكاد تتنزه عن النظير، وأشهرها مسجد قباء ويبعد عن المدينة بمسافة خمسة كيلومترات، وهو أول مسجد بني في الإسلام. بناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وفد إليها في هجرته.
وأهل المدينة يشربون من الآبار والماء يجري إليها من العيون الزرقاء في أنابيب تتفرع وتتشعب في أنحاء البلد. ومناخها معتدل، وهواؤها طيب، ولعل ذلك كان من الأسباب التي ساعدت على رقة أهلها، ولطافة أمزجتهم مع ما هم عليه من الصلاح والتقوى، والأدب وحسن المعاشرة. حتى قيل إنهم أحسن أهل بلاد العرب في مكارم الأخلاق، ولا عجب فجاورتهم للسيد الرسول صلى الله عليه وسلم ألبستهم كثيراً من أخلاقه الكاملة. على أن من ييفكر في أنه عليه الصلاة والسلام اختصهم بالهجرة إلى بلدهم يحكم بأن مكارم الأخلاق فيهم من زمن بعيد، وحسبك أنه أعلن في حجة الوداع أنه لا يود الموت إلا بين أظهر الأنصار، وهؤلاء أعقابهم اليوم على سنتهم فرضي الله عنهم أجمعين. أهـ. قال البوصيري رحمه الله يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب المدينة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>