= وأنها أفضل الأرض بعد مكة عند بعض العلماء، وعند بعضهم أفضلها مطلقا، وأن الذي شرفت به صلى الله عليه وسلم خير الخلائق، وليكن من أول قدومه إلى أن يرجع مستشعرا لتعظيمه ممتلئ القلب من هيبته كأنه يراه فإذا وصل باب مسجده صلى الله عليه وسلم. فليقل الذكر المستحب في دخول كل مسجد، وهو: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم الحمد لله، اللهم صل وسلم على محمد، وعلى آل محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، ثم يقول: بسم الله ويقدم رجله اليمنى في الدخول ويقدم اليسرى في الخروج. ذكر هذا الدعاء في كتابه الأذكار، وعزا حديثه إلى مسلم وأبي داود، والنسائي وابن ماجه وغيرهم، ثم قال: فإذا دخل قصد الروضة الكريمة وهي ما بين القبر والمنبر فيصلى تحية المسجد بجنب المنبر. وفي إحياء علوم الدين أنه يستحب أن يجعل عمود المنبر حذاء منكبه الأيمن، ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في قبلة المسجد بين عينيه. فذلك موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وسع المسجد بعده صلى الله عليه وسلم. وفي كتاب المدينة أن ذرع ما بين المنبر ومقام النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه حتى توفي أربعة عشر ذراعا وشبرا، وأن ذرع ما بين القبر والمنبر ثلاثة وخمسون ذراعا وشبرا فإذا صلى التحية في الروضة أو غ يرها شكر الله تعالى على هذه النعمة وسأله إتمام ما قصده، وقبول زيارته، ثم يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر، ويبعد من رأس القبر نحو أربع أذرع، ويجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه، ويقف ناظراً إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر غاض الطرف في مقام الهيبة والإجلال، فارغ القلب من علائق الدنيا، مستحضرا في قلبه جلالة موقفه ومنزلة من هو بحضرته، ثم يسلم ولا يرفع صوته. بل يقتصد فيقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين السلام عليك يا خير الخلائق أجمعين السلام عليك وعلى آلك وأهل بيتك وأزاجك وأصحابك أجمعين السلام عليك وعلى سائر النبيين وجميع عباد الله الصالحين، جزاك الله يا رسول الله عنها أفضل ما جزى نبيا ورسولا عن أمته، وصل عليك كلما ذكرك ذاكر، وغفل عن ذكرك غافل، وأكمل ما صلى على أحد من الخلق أجمعين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده. اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمود الذي وعدته وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، ومن طال عليه هذا كله اقتصر على بعضه، وأقله السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجاء عن ابن عمر وغيره من السلف الاقتصار جدا، فعن ابن عمر ما ذكرناه قريباً، وعن مالك يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وإن كان قد أوصى بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم. قال السلام عليك يا رسول الله من فلان ابن فلان، وفلان بن فلان يسلم عليك يا رسول الله ونحو هذه العبارة، ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع للسلام على أبي بكر رضي الله عنه لأن رأسه عند منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول السلام عليك يا أبا بكر صفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيه في الغار جزاك الله عن أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع للسلام على عمر رضي الله عنه، ويقول السلام عليك يا عمر الذي أعز الله به الإسلام جزاك الله عن أمة نبيه صلى الله عليه وسلم خيرا، ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه، ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى، ومن أحسن ما يقال ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له قال: كنت جالساً عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله. سمعت الله يقول: =