للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النافلة، والعدل: الفريضة، وقيل: الصرف التوبة، والعدل: الفدية. قال مكحول، وقيل:


= لقصد التبرك بها والصلاة فيها. فقال الشيخ أبو محمد الجويني: يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر هذا الحديث وأشار القاضي حسين إلى اختياره، وبه قال عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار نضرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور، وقال له لو أدركت قبل أن تخرج ما خرجت، واستدل بهذا الحديث فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه، ووافقه أبو هريرة، والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم، وأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه المساجد، بخلاف غيرها، فإنه جائز، وقد وقع في رواية لأحمد بلفظ لا ينبغي للمعطي أن تعمل وهو لفظ ظاهر في غير التحريم. ومنها أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة. فإنه لا يجب الوفاء به. قاله ابن بطال، وقال الخطابي: اللفظ لفظ الخبر، ومعناه الإيجاب فيما نذره الإنسان من الصلاة في البقاع التي يتبرك بها. أي لا يلزم الوفاء بشيء من ذلك غير هذه المساجد الثلاثة. ومنها أن المراد حكم المساجد فقط، وأنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو صاحب، أو طلب علم، أو تجارة أو نزهة فلا يدخل في النهي ويؤيده ما روي أحمد من طريق شهر بن حوشب قال: سمعت أبا سعيد، وذكرت عنده الصلاة في الطور فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد تبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى ومسجدي) وشهر حسن الحديث، وإن كان فيه بعض الضعف. ومنها أن المراد قصدها بالاعتكاف فيما حكاة الخطابي عن بعض السلف أنه قال: لا يعتكف في غيرها، وهو أخص من الذي قبله: ولم أر عليه دليلا واستدل به على أن من نذر إتيان أحد هذه المساجد لزمه ذلك، وبه قال مالك وأحمد الشافعي والبويطي، واختاره أبو إسحاق المروزي، وقال أبو حنيفة: لا يجب مطلقاً، ثم ذكر بعد تحقيق في النذر، وأقوال المذاهب فيه ما وقع من ابن تيمية، ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاء غبره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل من مالك أنه كره أن يقول: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال، وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال، وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب. قال بعض المحققين قوله: إلا إلى ثلاثة مساجد المستثنى منه محذوف. فأما أن يقدر عاما فيصير لا تشد الرحال إلى مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة، أو أخص من ذلك، لا سبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة وصلة الرحم، وطلب العلم وغيره، فتعين الثاني، والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة وهو لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا إلى الثاثة فيبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين، والله أعلم.
ثم قال النووي رضي الله عنه: واعلم أن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهم القربات، وأنجح المساعي. فإذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحبابا متأكداً أن يتوجهوا إلى المدينة لزيارته صلى الله عليه وسلم، وينوي الزائر مع الزيارة التقرب، وشد الرحل إلى المسجد والصلاة فيه، وإذا توجه فليكثر من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم، وسأل الله تعالى أن ينفعه بهذه الزيارة، وأن يقبلها منه، ويستحب أن يغتسل قبل دخوله، ويلبس أنظف ثيابه، ويستحضر في قلبه شرف المدينة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>