للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجرٍ، وخيل وزرٍ، وخيل سترٍ، فأمَّا خيل سترٍ: فمن اتَّخذها تعففاً وتكرُّما وتجملا، ولم ينس حقَّ ظهورها (١) وبطونها (٢) في عسْرهِ ويسرهِ، وأما خيل الأجر فمن ارتبطها في سبيل الله، فإنَّها لا تغيب في بطونها شيئاً إلا كان له أجرٌ حتى ذكر أرواثها وأبوالها، ولا تعدو في وادٍ شوطاً أو شوطين إلا كان في ميزانهِ، وأما خيل الوزرِ، فمن ارتبطها تبذُّخا على الناس، فإنَّها لا تغيِّبُ في بطونها شيئاً إلا كان وزراً حتى ذكر أرْواثها وأبوالها، ولا تعدو في وادٍ شوطاً أو شوطين إلا كان عليه وزرٌ.

(النواء) بكسر النون وبالمد: هو المعاداة. (الطِّوال) بكسر الطاء، وفتح الواو: هو حبل تشدّ به الدابة، وترسلها ترعى. (واستنت) بتشديد النون: أي جرت بقوة.

(والشرف) بفتح الشين المعجمة، والراء جميعا: هو الشوط، ومعناه جرت بقوة شوطاً، أو شوطين كما جاء مفسراً في لفظ البيهقي.

(البذخ) بفتح الباء الموحدة، وسكون الذال المعجمة آخره خاء معجمة: هو الكبر، والتبذخ التكبر، ومعناه أنه اتخذ الخيل تكبراً وتعاظماً، واستعلاء على ضعفاء المسلمين وفقرائهم.

٥ - وعنْ أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:


= (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا) الآية: من هم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هم أصحاب الخيل، ثم قال: إن المنفق على الخيل كباسط يده بالصدقة لا يقبضها وأبوالها وأرواثها كذكي المسك يوم القيامة).
وروي (أن الفرس إذا التقت الفئتان تقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح) وهي أشد الدواب عدوا، وفي طبعه الخيلاء في مشيه، والسرور بنفسه، والمحبة لصاحبه، وربما عمر الفرس إلى سبعين سنة. أهـ شرقاوي.
(١) أي يقدمها للجهاد فينتفع بقوتها ويركب على ظهورها.
(٢) وبطونها: أي يحافظ على زكاة نتائجها، والمعنى أن وجودها عنده لله، ويؤدي فيها حقوق الله، والله تعالى أعلم.
ولقد مدح الله جل وعلا في محكم كتابه سيدنا سليمان الذي كان يعتني بمراقبة خيله للغزو، ويراعي واجبها (ردوها على فطفق مسحاً بالسوق والأعناق) فأخذ يمسح بيده الشريفة بسوقها وأعناقها.
روي أنه عليه الصلاة والسلام غزا دمشق ونصيين وأصاب ألف فرس، وقيل أصابها أبوه من العمالقة فورثها منه. فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس. فغفل عن ورد كان له فاغتم لما فاته. قال عز وجل: (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ٣٠ إذا عرض بالعشي الصافنات الجياد ٣١ فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب) ٣٢ من سورة ص.
قائد الجيوش عليه السلام يستعرض عدد حربه ومطاياها عناية بالجهاد في سبيل الله تعالى، لأنها سبب النصر ولذا سماها خيرا لتعلق الخير بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>