للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم يتلو إثره (١)، والنَّاس تفرَّقتْ بهم ركابهم على جواد (٢) الطريق تأكل وتسير فبينا (٣) معاذ على إثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناقته تأكل مرَّةً، وتسير أخرى عثرت (٤) ناقة معاذٍ فحنَّكها بالزمام (٥) فهبَّتْ، حتى نفرتْ منها ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف عنه قناعة فالتفت، فإذا ليْس في الجيش أدنى إليه من معاذٍ فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ! فقال: لبيك يا رسول الله. قال: ادن دونك، فدنا منه حتى لصقتْ راحلتاهما إحداهما بالأخرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت أحسب الناس منا بمكانهم (٦) من البعد، فقال معاذ: يا نبي الله نعس الناس فتفرقتْ ركابهم ترتع وتسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا كنت ناعساً، فلمَّا رأى معاذ بشر (٧) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلوته له، فقال: يا رسول الله ائذن لي أسألك عن كلمة أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل عمَّا شئت، قال يا نبي الله حدِّثني بعملٍ يدخلني الجنَّة لا أسألك عن شيء غيره؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ (٨) بخٍ بخٍ. لقدْ سألت لعظيمٍ.

لقد سألت لعظيمٍ ثلاثاً، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، وإنَّه ليسير على من أراد الله به الخير، فلمْ يحدِّثه بشيء إلا أعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتٍ حرصاً لكيما يتقنه عنه، فقال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله واليوم الآخر، وتقيم الصَّلاة، وتؤتي الزَّكاة، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً حتى تموت، وأنت على ذلك. قال: يا رسول الله: أعد لي فأعادها ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت يا معاذ حدَّثتك برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر، وذروة السَّنام؟ فقال معاذ: بلى يا رسول الله حدثني بأبي أنت وأمي، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ رأس هذا


(١) يتتبعه.
(٢) أطراف معشبة مخصبة.
(٣) فبينا ط د وع ص ٤٤٥، وفي ن د: فبينما.
(٤) اصطدمت بشيء وارتطم خفها.
(٥) شدها بالخطام.
(٦) لم أظن الناس بعيدين منا هكذا.
(٧) بشر: كذا ط وع، وفي ن د: بشه.
(٨) كلمة استحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>