للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا عبد الله تمن عَليّ أعطك

قَالَ: يَا رب تحييني فأقتل فِيك ثَانِيَة

قَالَ: إِنَّه سبق مني أَنهم إِلَيْهَا لَا يرجعُونَ

قَالَ: يَا رب فأبلغ من ورائي،

فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} آل عمرَان ٩٦١ الْآيَة كلهَا

رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد حسن أَيْضا وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

١١ - وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت جَعْفَر بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ ملكا يطير فِي الْجنَّة ذَا جناحين يطير مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ مقصوصة (١) قوادمه بالدماء

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا حسن


= مع جماعة حتى بلغوا حمراء الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، وكان بأصحابه القرح فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الأجر، وألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا فنزلت: (الذين قال لهم الناس) يعني الركب الذين استقبلوهم من عبد قيس، أو نعيم بن مسعود الأشجعي، وأطلق عليه الناس لأنه من جنسهم (فاخشوهم) يعني أبا سفيان وأصحابه. روي أنه نادى عند انصرافه من أحد: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت. فقال عليه الصلاة والسلام: إن شاء الله تعالى، فلما كان القابل خرج في أهل مكة حتى نزل بمر الزهران فأنزل الله الرعب في قلبه، وبدا له أن يرجع فمر به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة فشرط لهم حمل بعير من زبيب إن ثبطوا المسلمين.
وقيلي لقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فسأله ذلك، والتزم له عشرا من الإبل فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم: أتوكم في دياركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريدا فترون أن تخرجوا، وقد جمعوا لكم ففتروا فقال عليه الصلاة والسلام، والذي نفسي بيده لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون: حسبنا الله (فزادهم إيمانا) والمعنى أنهم لم يلتفتوا إليه، ولم يضعفوا بل ثبت به يقينهم بالله، وازداد إيمانهم وأظهروا حمية الإسلام، وأخلصوا النية عنده، وهو دليل على أن الإيمان يزيد وينقص ويعضده قول ابن عمر رضي الله عنهما: (قلنا يا رسول الله الإيمان يزيد وينقص؟ قال: نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة، وينقص حتى يدخل صاحبه النار) (وقالوا حسبنا الله) محسبنا، وكافينا من أحسبه إذا كفاه (ونعم الوكيل) ونعم ألموكول إليه (فانقلبوا) فرجعوا من بدر (نعمة من الله) عافية وثبات على الإيمان وزيادة فيه (وفضل) وربح في التجارة فإنهم لما أتوا بدرا وافوا بها سوقا فاتجروا وربحوا (لم يمسسهم سوء) من جراحة وكيد عدو (واتبعوا رضوان الله) الذي هو مناط الفوز بخير الدارين بجراءتهم وخروجهم (والله ذو فضل عظيم) قد تفضل عليهم بالتثبيت، وزيادة الإيمان، والتوفيق للعبادة، والمبادرة إلى الجهاد، والتصلب في الدين، وإظهار الجراءة على العدو، وبالحفظ عن كل ما يسوءهم، وإصابة النفع مع الأجر حتى انقلبوا بنعمة من الله وفضل، وفيه تحسير للمتخلف، وتخطئة رأيه حيث حرم نفسه ما فازوا به (الشيطان) يريد به المثبط نعيما أو أبا سفيان - أو إنما ذلكم قول الشيطان، يعني إبليس عليه اللعنة (يخوف أولياءه) القاعدين عن الخروج مع الرسول، أو يخوفكم أولياءه الذين هم سفيان وأصحابه (إن كنتم مؤمنين) فإن الإيمان يقتضي إيثار خوف الله تعالى على خوف الناس. أهـ بيضاوي ص ١٢٢.
(١) مقصوصة. كذا د وع ص ٤٦٣، وفي ن ط: مضرجة، والقوادم للطير: مقاديم الريش في كل جناح عشر، الواحدة قادمة وقدامى ١٧٢: ٤ قاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>