للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عند فراقه، وقيل هو بعض الجسم، ولهذا وصف بالخروج والقبض وبلوغ الحلقوم، وهذه صفة الأجسام لا المعاني وقال بعض متقدمي أئمتنا: هو جسم لطيف متصور على صورة الإنسان داخل الجسم، وقال بعض مشايخنا وغيرهم: إنه النفس الداخل والخارج، وقال آخرون: هو الدم. هذا بعض ما نقله القاضي.
وقال النووي: والأصح عند أصحابنا أن الروح أجسام لطيفة متخللة في البدن فإذا فارقته مات. قال القاضي: واختلفوا في النفس والروح. فقيل هما بمعنى، وهما لفظان لمسمى واحد، وقيل إن النفس هي النفس الداخل والخارج، وقيل هي الدم، وقيل: هي الحياة، والله أعلم. أهـ ص ٣٣ جـ ١٣.
سابعاً: رضي الله عنه الشهداء بطاعتهم لله ورضوا عنه بما أكرمهم به، وأعطاهم إياه من الخيرات من الله تعالى والرضا، وإفاضة البر والإحسان والرحمة (اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا).
(خطبة للإمام علي رضي الله عنه في الحث على الجهاد)
أما ب عد: فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التتقوى ودرع الله الحصينة وجنته (١) الوثيقة. فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل، وشملة البلاء، وديث (٢) بالصغار والقماء (٣) وضرب على قلبه بالأسداد، وأديل (٤) الحق منه بتضييع الجهاد، ومنع النصف (٥) ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسر إعلانا، وقلت لكم اغزوهم قبل أن يغزوكم.
فوالله ما غزى قوم قط في عقر (٦) دارهم إلا ذلوا فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم، وملكت عليكم الأوطان، وهذا أخو غامد (٧) قد وردت خيله الأنبار (٨) وقد قتل حسان بن حسان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها (٩) ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها (١٠) وقلبها (١١) وقلائدها ورعائها (١٢) ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع (١٣) والاسترحام، ثم انصرفوا وافرين (١٤) ما نال رجلا منهم كلم (١٥) ولا أريق لهم دم. فلو أن امرأ مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوما بل كان به عندي جديرا. فياعجبا عجبا والله يميت القلب، ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم فقبحا لكم، وترحاً (١٦) حين صرتم غرضاً يرمي: يغار عليكم ولا تغيرون، ولا تغزون ولا تغزون ويعصي الله وترضون. فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمارة (١٧) القيظ أمهلنا ينسلخ (١٨) عنا الحر وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القر أمهلنا ينسلخ عنا البرد. كل هذا فرارا من الحر والقر (١٩) فأنتم والله من السيف أفر، يا أشباه الرجال، ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال (٢٠) لوددت أني لم أركم ولم أعفركم، معهرفة والله جرت ندما وأعقبت سدما (٢١) قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب (٢٢) التهما أنفاسا، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب.
لله أبوهم وهل أحد منهم أشد لها مراساً، وأقدم فيها مقاما مني. لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين وها أنا قد ذرفت (٢٣) على الستين، ولكنه لا رأي لمن لا يطاع. أهـ ص، ٣٧ جـ ١ نهج البلاغة.

[شرح الكلمات]
(١) بالضم وقايته.
(٢) ديثه: ذلله.
(٣) القماء: التحقير من قما يقمو.
(٤) أي صارت الدولة للحق بدله.
(٥) والنصف بالكسر: العدل.
(٦) عقر دارهم: وسطها وأصلها.
(٧) هو سفيان بن عوف من بني غامد بعثه معاوبة لشن الغارة على أطراف العراق.
(٨) بلدة على الشاطئ الشرقي للفرات.
(٩) مسالحها مسلحة: الثغر حيث يخشى طروق الأعداء.
(١٠) حجلها بالكسر: خلخالها.
(١١) قلبها بالضم: سوارها.
(١٢) ورعاثها جمع رعثة القرط.
(١٣) ترديد الصوت بالبكاء.
(١٤) وافرين: لم ينقص عددهم.
(١٥) جرح.
(١٦) هماً وحزنا أو فقراً.
(١٧) حمارة القيظ: شدته.
(١٨) التسبيخ بالخاء: التخفيف والتسكين.
(١٩) شدة البرد.
(٢٠) النساء.
(٢١) هما مع أسف أو غيظ.
(٢٢) جمع نغبة: الجرعة، والتهمام الهم.
(٢٣) ذرفت: زدت اهـ شرح الشيخ محمد عبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>