للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال الحافظ): وهذا إسناد حسن بما تقدم، والله أعلم.

٨ - وعن أسيد بن حُضْيرٍ رضي الله عنه قال: يا رسول الله بينما أنا أقرأ الليلة سورة البقرة إذ سمعت وجبةً (١) منْ خلفي فظننتُ أنَّ فرسي انطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ أبا عتيكٍ (٢) فالتفتُّ، فإذا مثل المصباح مُدلي (٣) بين السماء والأرض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أقرأ أبا عتيكٍ، فقال: يا رسول الله فما استطعت أن أمضي (٤)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة تنزَّلتْ لقراءة سورة البقرة، أما إنَّك لو مضيت (٥) لرأيت العجائب. رواه ابن حبان في صحيحه، ورواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد بنحوه وتقدم.

٩ - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يؤتي بالقرآن يوم القيامة، وأهله الذين كانوا يعملون (٦) به في الدنيا تقدمه (٧) سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثالٍ مانسيتهنَّ (٨) بعد قال: كأنَّهما غمامتان، أو ظلَّتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما فرقان من طيرٍ صوافَّ يحاجَّان عن صاحبهما. رواه مسلم والترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث، وما يشبه من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن، وفي حديث نواس: يعني هذا ما يدل على ما فسروا إذ قال: وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، ففي هذا دلالة على أنه يجيء ثواب العمل، انتهى.


(١) أسيد صحابي جليل في القاموس كزبير أو كأمير. سقط مع هدة، وفي حديث سعيد (لولا أصوات السافرة لسمعتم وجبة الشمس): أي سقوطها مع المغيب. أهـ نهاية: أي سمعت جلبة وضجة.
(٢) معلق يتدلى كالنور الوضاء.
(٣) أي اقرأ يا أبا عتيك. صحابي جليل.
(٤) لم أقدر أن أتمم من شدة الضوء الوهاج.
(٥) استمررت، ومثله كما في الفتح (اقرأ يابن حضير) أي كان ينبغي أن تستمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول ملائكة الرحمة، واستمالتها لقراءتك، وفهم أسيد ذلك فأجاب بعذره (خفت أن تطأ يحيى) أي خشيت إن استمررت على القراءة أن تطأ الفرس ولدي، ودل سياق الحديث على محافظة أسيد على خشوعه في صلاته، وأبو عتيك: كنية أسيد ص ٥٢ جـ ٩.
(٦) يتحملون بآدابه.
(٧) تكون في الطليعة، وتسبقه وتتبختر. قال تعالى: (يقدم قومه يوم القيامة).
(٨) ما نسيتهن. كذا ط وع ص ٤٩٤، وفي ن د: يشتبهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>