(قارئ القرآن وواجباته عند القراءة) أولاً: (يتغنى بالقرآن) أي يمد في قراءته ويرتلها، أو يستغني به عما سواه كما ذهب إليه البخاري. قال تعالى: (أو لم يكفهم أنا أنزلنا الكتاب يتلى عليهم) وقيل معنى (يتغنى به) يتحزن به: أي يظهر على قارئه الحزن الذي هو ضد السرور عند قراءته وتلاوته، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزير كأزير المرجل من البكاء. الأزيز: صوت الرعد وغليان القدر. ثانياً: الترتيل في القراءة: التأني فيها والتمهل، وتبيين الحروف والحركات تشبيها بالنغم المرتل، وهو المشبه بنور الأقحوان، وهو المطلوب في قراءة القرآن: قال الله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) ٤ من سورة المزمل. ثالثاً: اجتناب الرياء وتحذير أهل القرآن والعلم منه. أ - قال سفيان بن عيينة بلغنا عن ابن عباس أنه قال: (لو أن حملة القرآن أخذوه بحقه وما ينبغي لأحبهم الله، ولكن طلبوا به الدنيا فأبغضهم الله وهانوا على الناس. ب - وروي عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله تعالى: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) قال قوم وصفوا الحق والعدل بألسنتهم وخالفوه إلى غيره ص ١٧ جـ ١ قرطبي. رابعاً: ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه بقراءة القرآن في ليله ونهاره في الصلاة، أو في غير الصلاة لئلا ينساه (كالإبل المعلقة) ويصون نفسه عن الشبهات، ويتواضع للفقراء، ويتحلى بالحلم والوقار، والرفق والأدب، ويؤمن شره ويرجي خيره، ويتعلم أحكام القرآن. قال تعالى: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب) ولذا قال الضحاك: حق على كل من تعلم القرآ أن يكون فقيها ص ١٨ جـ ١. (ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته، كما ذكرها القرطبي) ألا يمسه القارئ إلا طاهرا، وأن يقرأ وهو على طهارة، وأن يستاك ويتخلل فطيب فاه، وأن يلبس كما يلبس للدخول على الأمير لأنه مناج، وأن يستقبل القبلة لطهارته، وأن يتمضمض كلما تنخع، وإذا تثاءب يمسك عن القراءة لأنه إذا قرأ فهو مخاطب ربه ومناج، والتثاؤب من الشيطان، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند ابتدائه للقراءة، ويقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وإذا أخذ في القراءة لم يقطعها ساعة فساعة بكلام الآدميين من غير ضرورة، وأن يخلو بقراءته حتى لا يقطع عليه أحد بكلامه فيخلطه بجوابه، وأن يقرأ على تؤدة وترسل وترتيل، وأن يستعمل ذهنه وفهمه حتى يعقل ما يخاطب به، وأن يقف على آية الوعد فيرغب إلى الله تعالى =