للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدونة، وكتاب محمد، والقياس، وذلك أنا اتفقنا أن المقارض إذا أشغل بعض المال لم يكن لربه أن ينقص منه شيئاً؛ إذ عليه عمل العامل فله شرطه، ولا خلاف أعلمه بين أصحابنا في هذا، فإذا ترك الساعي رب المال وأخذها من العامل كان قد نقص من المال بعد إشغاله.

فإن قيل: فإنه إذا أدّاها رب المال من عنده كان ذلك زيادة في القراض بعد إشغال المال وذلك لا يجوز، قيل: إنما الزيادة التي لا تجوز ما وصل إلى يد العامل وانتفع به، وهذا لا يصل/ إلى يد العامل منه شيء، إنما يأخذه الساعي، ولو كان ذلك زيادة في القراض لكان في زكاة الفطر عن عبيد القراض زيادة.

فإن قيل: فإن الغنم زكاتها من رقابها؛ فلذلك أخذت من رب المال، قيل: والدنانير أيضاً زكاتها منها، فيلزمك أن تقول: إذا كان رب المال يدير والعامل لا يدير، وبيده سلع ومال عين أن يزكي عن العين من مال القراض، وهذا خلاف النص، وقد قال محمد وغيره: إن زكاة ذلك على رب المال يقوم ما بيد العامل ويزكي من عنده، ولا يزكي العامل ما ينوبه إلا بعد المفاصلة لعام واحد.

وأيضاً: فيلزمك أن تقول إذا كانت الإبل شنقاً تزكى بالغنم أن زكاتها على رب المال؛ لأن زكاتها من غيرها، كعبيد القراض، فإن قلته فقد خالفت قول ابن حبيب وانفردت بقولك، وإن قلت على العامل فقد نقضت حجتك، إذ حجتك أن كل ما يزكى من غيره فهو على رب المال.

وأيضاً فإنا نقول: إن الشاة المأخوذة من الأربعين، إنما هي زكاة عن رقابها، والفطرة أيضاً زكاة عن رقاب العبيد، فاستويا؛ فوجب أن تكون زكاتهما على من له الرقاب، والمقارض لا شيء له في الرقاب، وإنما الذي يأخذه كالإجارة، فلا ينبغي أن يكون عليه من زكاة الرقاب شيء.

فإن قلت: فإنه إذا أسقطت قيمة الشاة من أصل مال القراض لم يدخل على العامل في ربحه نقص، قيل: يدخل عليه ذلك إذا حالت أسواق الغنم بزيادة بعد ذلك، وهذا كله إذا كان رب المال غائباً عنه، فللساعي أخذ الشاة من العامل إذ قد لا يجد رب المال فيؤدي ذلك إلى إسقاط الزكاة عنها، فإذا أخذها سقطت قيمة الشاة من مال

<<  <  ج: ص:  >  >>