[الباب الثالث]
باب في نفقة العامل وكسوته
[فصل ١ - نفقة عامل القراض في السفر]
والقضاء: أن للعامل النفقة في مال القراض إذا شخص للسفر به لا قبل ذلك.
قال ربيعة: ولولا نفقته إذا شخص ما حل ذلك.
قال ابن المواز: ولا يأكل العامل من المال, وإن وقف على الخروج وقُرِّبت إليه دابته حتى يخرج, فحينئذٍ يأكل منه, قرب السفر أو بعد إن كان المال يحمل ذلك.
قال القاضي عبد الوهاب: وهي مسألة إجماع في سائر الأعصار إلى زمن الشافعي, فذكر بعض أصحابنا: أنه اختلف فيها قوله, فذهب في آخر أقواله وهو المشهور عنه: أن لا نفقة له في السفر, كما ليس له ذلك في الحضر.
قالوا: ولأن سفره بالمال ضرب من التصوف فيه, كتصرف الحاضر, فلا يستحق بذلك زيادة.
قالوا: ولأنا وجدنا كل من رضي من عمله بأجر, فلا يستحق نفقة, إلا أن يشترطها من الأجير والوكيل والصانع, فكذلك العامل.
قال عبد الوهاب: ودليلنا ما ذكرناه من الإجماع في سائر الأعصار, ولم يختلف فيه أحد من أهل العلم إلى زمن المخالف, وقد صار ذلك عرفاً بين الناس, والعرف كالشرط. وقد اتفقنا: أن للعامل أن يستأجر من يكفيه مؤنة الحمولة والخدمة, فكذلك يجوز له أن ينفق منه على نفسه؛ لأن سفره لأجل تنمية المال, والفرق بينه وبين الحاضر أن: الحاضر لو لم يكن بيده قراض لم يكن له بد أن ينفق على نفسه وعياله, والمسافر قد التزم نفقة الخروج زيادة على ما نختاج إليه في حضره.
م: وإن شئت قلت: العرف ألا ينفق منه الحاضر وينفق منه المسافر, وهذه سنة القراض, وإنما أقر وأرخص فيه على ما كان في الجاهلية فمن اشترط خلاف ما كان عليه, فقد أحال القراض عن رخصته, وأخرجه عن بابه فيكون فيه أجيراً. وبالله التوفيق.