روي أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما أبيا أن يورث أحد من الأعاجم إلا من ولد في الإسلام.
فاختلف الناس في قول عمر هذا:
فذهب أكثرهم وجمهورهم: إلى أن معنى ذلك إذا لم تثبت العادلة أو بعضهم ورثة بعض وإنما ذلك بدعواهم فلا يجب قبول قولهم، فأما إذا أثبتت البينة أن بعضهم ورثة بعض فإنهم يتوراثون بذلك.
وذهب ابن حبيب: إلى أن معنى قول عمر هذا: أنهم لا يتوارثون وإن ثبتت البينة، قال: ولو كانوا يتوارثون إذا ثبتت البينة لم يكن لقول عمر هذا وجه، ولم يكن فرق بين ولادة الشرك وولادة الإسلام.
والدليل لقول الجماعة قول الله تعالى:{وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}[الأنفال:٧٥] ولم يحصر ولادة من ولادة.
وقد أجمع المسلمون على أيجاب التوارث بين الصحابة بالولادة التي كانت قبل الإسلام، فلا فرق بينهم وبين الأعاجم؛ لأنهم كلهم كانوا مشركين.
فبان أن معنى قول عمر: لا يقبل منهم إذا ادعوا ذلك بلا بينات؛ لأن الحمية تلحقهم في تصيير أموالهم إلى بعضهم دون المسلمين.
ولا تجوز شهادة بعضهم لبعض في ذلك إلا أن يتحمل أهل الحصر والعدد الكثير فيسلمون، أو يؤسر أهل حصر فيعتقون ويسلمون فيشهد بعضهم لبعض فيقولون: هؤلاء ورثة هؤلاء فتقبل شهادتهم؛ إذ لا يمكن تواطؤ الجماعة على الكذب.