[الباب الخامس]
في تلف المال بيد العامل وتجره فيما بقي
[فصل ١ - تلف بعض مال القراض بيد العامل ثم يعمل فيما بقي فيربح]
والقضاء في القراض ألا يقسم فيه ربح إلا بعد كمال رأس المال, وأن المقارض مؤتمن لا يضمن ما هلك بيده إلا أن يتعدى فيه.
قال مالك: وإذا ضاع بعض المال بيد العامل قبل العمل أو بعده, أو خسره, أو أخذه اللصوص, أو العاشر ظلماً: لم يضمنه العامل إلا أنه إن عمل ببقية المال جبر بما فيه ربح أصل المال, فما بقي بعد تمام رأس المال الأول كان بينهما على ما شرطا, ولو كان العامل قد قال لرب المال: لا أعمل حتى تجعل ما بقي رأس المال, ففعلا وأسقطا الخسارة, فهو أبداً على القراض الأول, وإن حاسبه وأحضره, ما لم يقبضه منه ثم يرده إليه.
قال أصبغ: على باب الصحة والبراءة.
وقال ابن حبيب: إذا لقي العامل رب المال وأخبره بما نقص رأس المال, فقال له: اعمل بالذي بقي, فقد أسقطت عنك ما ذهب, فهو قراض مؤتنف إذا بيَّنه هكذا, أحضر المال أو لم يحضره, قبضه أو لم يقبضه ربه, وكذلك لو ربحا فاقتسما الربح, ثم قال اعمل بما بقي في يديك, كان قراضاً مؤتنفاً إن لم يقبض منه المال. قاله ربيعة ومالك والليث ومطرف وابن الماجشون, ومن لقيته من أصحاب مالك إلا ابن القاسم فإنه قال: هما على القراض الأول.
قال أبو محمد بن أبي زيد: الذي ذكره ابن حبيب عن ابن القاسم هو قول ربيعة ومالك والليث, ذكره ابن المواز, وقال أخبرني أصحاب مالك عنه أنه قال: لا يجوز أن يتفاصلا حتى يحضر جميع المال ثم يقبض رأس ماله ثم يقتسمانه الربح.
[فصل ٢ - العامل يستهلك بعض المال القراض ثم يتاجر فيما بقي فيربح]
ومن المدونة, قال مالك: وليس ما استهلك العامل من المال مثل ما ذهب أو خسر؛ لأنه ما استهلك قد ضمنه, ولا حصة لذلك من الربح؛ لأنه تمام رأس المال, وإن تسلف العامل نصف المال أو كله فالنصف الباقي رأس المال وربحه على ما