قال مالك -رحمه الله-: ومن هرب بماشيته عن الساعي وهي ستون شاة فأقام ثلاث سنين وهي بحالها ثم أفاد بعد ذلك مئتي شاة قضمها إليها ثم أتى في السنة الخامسة تائبًا فليؤد عن كل عام زكاة ما كان عنده من الغنم ولا يؤدي عن ما أفاد في العامين الآخرين لماضي السنين.
قال ابن القاسم: وإنما قال ذلك مالك فيما رأيت لأن الذي هرب بماشيته كان ضامنًا لزكاتها ولو هلكت كلها بعد ثلاث سنين ولم يضع عنه الموت ما وجب عليه، والذي لم يهرب لو جاءه الساعي بعد هلاك ماشيته لم يكن عليه شيء فلما كان الهارب ضامنًا لما مات منها فما أفاد إليها فليس منها، ولما كان الذي لم يهرب لا يضمن ما مات منها فما ضم إليها فهو منها، وهذا أمر بين، وقد نزلت بالمدينة فاختلفنا فيها فقال مالك فيها هذا القول غير مرة وهو أحب ما فيها إلي.
قال ابن المواز: وقال أشهب: أما إذا زادت في هربه فهو كمن غاب عنه الساعي ولا يكون أحسن حالاً منه، قال: وهو في نقصانها ضامن يأخذه كل سنة بزكاة ما كانت عليه فيه لأنه ضمن ذلك بهربه.