قال مالك: ولا يستقصي من ليس بفقيه، وكان يعجبه قول عمر بن عبد العزيز أنه قال: لا ينبغي أن يلي الرجل القضاء حتى يكون عارفاً بآثار من مضى، مستشيراً لذوي الرأي. قال: ولا ينبغي لطالب العلم أن يفتي حتى يراه الناس أهلاً للفتيا. قال سحنون: الناس ها هنا أهل النظر والمشورة والمعرفة. قال: ابن هرمز: ويرى هو نفسه أهلاً لذلك. قال مالك: وقد كان يقدم الرجل من البلد يسأل عن علم القضاء، وليس علم القضاء كغيره من العلم، ولم يكن بهذا البلد أعلم بالقضاء من أبي بكر بن عبد الرحمن، وقد كان أخذ شيئاً من علم القضاء إبان بن عثمان، وأخذ ذلك إبان من أبيه عثمان وقد تقدم إيعاب هذا في كتاب آداب القضاء.
فصل [٢ - هل يقبل من الحكم حجة أو شاهداً؟]
قال مالك: ووجه الحكم في القضاء إذا أدلى الخصمان بحجتيهما ففهم القاضي عنهما فأراد أن يحكم بينهما أن يقول لهما أبقيت لكما حجة فإن قالا: لا: حَكَمَ بينهما، ثم لا يقبل منه حجة بعد إنفاذ حكمه، فلو قال: بقيت لي حجة فأمهله فلم يأتي بشيء حكم عليه، فإن أتيا بعد ذلك يريدان نقض ذلك لم يقبل منهما إلا أن يأتيا بأمر يرى أن ذلك وجهاً. قال ابن القاسم: مثل أن يأتي بشاهد عدل عند من لا يقضي