[فصل -١٠ في الوكيل يبتاع السلعة وينقد الثمن من عنده]
قال ابن القاسم: ومن اشترى لك السلعة بأمرك وأسلفك الثمن من عنده فليس له حبسها بالثمن؛ لأنها كالوديعة عنده لا كالرهن, وقد قال مالك فيمن أمر رجلاً يشترى له لؤلؤاً من بلد وينقد عته فقدم, فزعم أنه ابتاعه له ونقد فيه ثم تلف اللؤلؤ: فليحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه قد ابتاع له أمره به ونقد عنه ويرجع بالثمن على الآمر؛ لأنه أمينه, فلو كان كالرهن عنده لضمنه وقاصه بالقيمة في الثمن إلا أن يقيم بينة بهلاكه, ولو ابتاع له ذلك بينة وهو مما يغاب عليه ثم ادعى هلاكه لم يكلف بينة على الضياع ولا يضمن؛ لأنها عنده وديعة فيصدق فيها قوله, ويرجع بالثمن على الآمر, وإن أتهم حلف. قال ابن القاسم: وأما لو قال له انقد عني فيها واحسبها حتى أدفع إليك الثمن كان بمنزله الرهن.
قال بعض فقهاء القرويين: والفرق بين مسألة المأمور بشراء اللؤلؤ فيدعي ضياعه بعد الشراء وبين الذي أمر غريمه أن يكتال الطعام في غرائره فيدعي ضياعه بعد الكيل, هو أن مسألة الغرائز ادعى ضياع ما في ذمته فلا يبرأ حتى يثبت زواله من ذمته, وفى مسألة اللؤلؤ إنما ادعى ضياع ما حدث فيه الثمن الذي أسلفه وهو اللؤلؤ, ولو ادعى أنه أخرج الثمن فضاع قبل شرائه له لم يصدق إلا ببينة كمسألة الغرائز, ولو كان السلم مما يجوز له بيعه قبل قبضه فوكله على بيعه, فقال إني بعته وضاع الثمن, فهاهنا يصدق مع يمينه كمسألة اللؤلؤ, فإنما افترقت المسألتان لافتراق