قال مالك: ومن وهب لرجل هبة ثم عوضه منها، فاستحق العوض، فإنه يرجع في هبته إن كانت قائمة إلا أن يعوضه قيمته فتلزمه، وليس للواهب قيمة العوض وإن كان أكثر من الهبة؛ لأن الذي زاده أولاً في عوضه على قيمة هبته إنما كان تطولاً، وإن استحقت الهبة رجع في العوض إلا أن يفوت في بدن أو سوق، فيأخذ قيمته يوم قبضه الواهب.
قال أشهب في المجموعة: إن كان أثابك ذلك بعدما لزمته هبتك بقيمتها فإنما باعك ذلك بيعًا بالقيمة، فإنما لك عليه إذا استحق ذلك بيدك قيمة هبتك، وإن كان إنما أثابك ذلك قبل أن تلزمه قيمة الهبة فذلك بيع للعوض بسلعتك، فإنما لك عليه قيمة ما أخذ منك بسلعته المستحقة؛ كمن باع سلعة بسلعة، ولو أثابك دنانير قبل أن تلزمه السلعة بقيمتها، فاستحقت الدنانير فإنك ترجع بمثل تلك الدنانير، ولو أثبكها بعد أن لزمته هبتك بالقيمة فإنما ترجع عليه بقيمة سلعتك، وما كان زادك أولاً صلة ليس لك الرجوع عليه بها إلا أن يكون كان أثابك دنانير أقل من قيمتها فقبلتها ثم استحقت، فلترجع بمثل تلك الدنانير لا بهبتك ولا بقيمتها في فوتها، وهذا كمن تزوج بتفويض فدفع إليها دنانير أو عروضًا في صداقها قبل البناء فاستحق ذلك من يدها فإنها ترجع عليه بجميع ما اعترف في يديها الذي كان أصدقها، وإن دفع ذلك إليها بعد البناء فلترجع عليه بصداق المثل يوم عقد النكاح.