تردد الساعي كما فعلوا في تخلف الساعي سنين أنه يزكي ما وجد بيده لسائر السنين وقد تكون في سائر السنين كثيرة واليوم هي قليلة فخفف عنه أو كانت في سائرها قليلة واليوم كثيرة فثقل عليه ها هنا؛ لأن الزكاة موكولة إلى النظر إلى أرباب الأموال والفقراء، فإذا لحق أحد الفريقين رفق أو تثقيل نظر للفريق الآخر بمثله، فلما كان إذا كان عنده أقل من نصاب لم يضم ما أفاد إليها، وفي ذلك رفق لربها وضرر على المساكين، فكذلك إذا كان عنده نصاب ضم ما أفاد إليها فكان فيه رفقاً بالمساكين وضرراً بربها فأشبه ذلك الخُلْطة وتخلف الساعي في أنها تارة تخفف، تارة تُثقَّل.
[فصل ٤ - من لا يأتيه السعاة لِبُعْدِه يزكي كل فائدة لحولها]
ولو كان ممن لا يأتيه السعاة لبعده ولا يستطيع جلبها إليهم لزكى كل فائدة لحولها كزكاة العين؛ لأنه ساعي نفسه، ولا ضرورة تلحق أحداً في ذلك، وقاله أبو محمد بن أبي زيد.
وفي كتاب ابن سحنون ما يؤيد ذلك قال- فيمن ورث إنما فمضى له حول، ومر الساعي بالناس وهو لا يمر به- فليزكها حينئذ، ويكون ذلك حوله؛ لأنه ساعي نفسه، وتصير كزكاة العين.