وبالعمرة في سفر ثان، فلما تمتع بإسقاط أحد السفرين أوجب الله عليه الهدي، والمكي فلم يسقط سفراً فيلزمه الهدي.
م: وأنكر بعض القرويين اعتلالهم بإسقاط أحد السفرين، وقال: يلزم على قولهم: أن من اعتمر في غير أشهر الحج، ثم حج من عامه أن يكون متمتعاً؛ لأنه أسقط أحد السفرين، وهذا خلاف الإجماع. قال: وإنما سمي متمتعاً لإحلاله بين حجه وعمرته.
م: وما احتج به هذا القروي لا يلزم؛ لأنه إنما يراعى إسقاط أحد السفرين في أشهر الحج، ولو لزم ذلك في اعتماره في غير أشهر الحج لعكس الجواب عليه، فيقال له: أرأيت لو حل من عمرته في غير أشهر الحج أليس هذا قد حل بين حجه وعمرته؟ فيلزم على قوله أن يكون متمتعاً.
م: فصح إنما المراعاة بإسقاط أحد السفرين في أشهر الحج، ويصح أن يقال: إنما سمي متمتعاً؛ لأنه تمتع بإحلاله بين حجه وعمرته في أشهر الحج؛ لأن المستحب له إذا كان مريداً للحج ودخلت عليه أشهر الحج ألا يدخل بعمرة وأن يفرد كالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أفرد، فإذا اعتمر وحل من عمرته في أشهر الحج فقد تمتع بذلك الإحلال، وحل له الحلاق ولباس المخيط ووطء النساء والطيب، فإذا حج من عامه لزمه الدم، كما قال الله تعالى، فإذا قال: أنا أحج حجاً لا تمتع فيه وأرجع إلى أفقي أو إلى مثله،