ومن المدونة: قال مالك: والمفرد بالحج إذا طاف الطواف الواجب أول ما يدخل مكة وسعى بين الصفا والمروة على غير وضوء، ثم خرج على عرفات فوقف المواقف، ثم رجع إلى مكة يوم النحر فطاف للإفاضة على وضوء ولم يسع بين الصفا والمروة حتى رجع إلى بلده، وأصاب النساء والصيد والطيب ولبس الثياب فليرجع حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يعتمر ويهدي.
م: وإنما قال ذلك: لأنه لما طاف على غير وضوء كان كمن لم يطف، وعذره بالنسيان وجعله كالمراهق، والمراهق حكمه إذا أخر الطواف والسعي أن يسعى مع طواف الإفاضة، فلما لم يسمع هذا مع طواف الإفاضة حتى أصاب النساء والصيد والطيب، من أصاب بعد ذلك رمي جمرة العقبة وقبل الإفاضة، فلذلك جعل عليه العمرة والهدي لوطئه.
م: قيل لبعض شيوخنا: فإن سعى مع طواف الإفاضة؟
قال: يُجزئه.
وقال بعض أصحابنا: لا يجزئه؛ لأن السعي لا يكون إلا في حجة أو عمرة، فهو بخلاف الطواف الذي يكون في غير الحج.
م: والذي أرى: أن يجزئه؛ لأنه كان عليه أن يأتي به، وقد أتى به، وإنما عُدم النية فيه، فإذا كان بمكة أو قريبا منها أعاد، وإن تطاول، أو رجع إلى بلده أجزأه، كمن طاف أول دخوله مكة لا ينوي بها فريضة ولا تطوعا وسعى، فلم يذكر إلا بعد رجوعه إلى بلده فإنه يجزئه، وعليه الدم، وهو خفيف، فكذلك هذا. والله أعلم. قال ابن القاسم: وهو يرجع حلالا إلا من النساء والصيد والطيب حتى يطوف ويسعى، ثم يعتمر ويهدي،